التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَاۚ وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ} (12)

قوله : ( وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ) ( ما ) ، استفهامية في موضع رفع مبتدأ ، وخبره ( لنا ألا نتوكل على الله ) ، في موضع نصب على الحال{[2379]} وتقديره : وأي عذر لنا في عدم التوكل على الله ( وقد هدانا سبلنا ) أي وهو الذي هدانا سبل التوفيق والسداد ، وأرشدنا إلى ملة الحق والصواب .

قوله : ( ولنصبرن على ما آذيتمونا ) ذلك قسم من النبيين الكرام على أنهم سيصبرون على ما يمسهم من الأذية والمكاره من الكافرين الظالمين ، الذين يصدونهم عن دعوة الحق بكل الأسباب من التنكيل والتكذيب والإهانة والقتل ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) هذا تكرار للأمر بالتوكل على الله على سبيل التأكيد لهذه القضية العظيمة المستندة إلى رسوخ الإيمان في قلوب المسلمين . لا جرم أن المسلمين الثابتين الواثقين من ربهم وأنه يهديهم سبل التوفيق والسداد بما يفضي بهم إلى النصر ، متوكلون على الله وحده ، واثقون من كلاءته لهم وتأييده إياهم . وليس على المؤمنين الداعين إلى الله في كل الأحوال إلا أن يمضوا على طريق الله ثابتين مطمئنين واثقين من نصر الله وأنهم على الحق ، ومتوكلين على الله تمام التوكل ولن يضيعهم الله أو يترهم أعمالهم{[2380]} .


[2379]:- البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 55.
[2380]:- تفسير القرطبي جـ 9 ص 348 وتفسير النسفي جـ 2 ص 257.