فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَاۚ وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ} (12)

{ وَمَا لَنَا } أي وأي مانع وعذر لنا في { أَن لاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ } سبحانه في دفع شروركم عنا ، فيه التفات عن الغيبة إلى التكلم والاستفهام للإنكار { وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا } بضم الباء وسكونها سبعيتان ، أي والحال أنه قد فعل بنا ما يوجب التوكل عليه ويستدعيه من هدايتنا إلى الطريق الموصل إلى رحمته وهو ما شرعه لعباده وأوجب عليهم سلوكه وعرفنا طريق النجاة وبين لنا الرشد .

وحيث كانت أذية الكفار مما يوجب القلق والاضطراب القادح في التوكل قالوا على سبيل التوكيد القسمي مظهرين لكمال العزيمة { وَ } الله { لَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَ } من وقوع التكذيب لنا منكم والعناد والاقتراحات الباطلة وغير ذلك مما لا خير فيه وما مصدرية أو موصولة اسمية { وَعَلَى اللّهِ } وحده دون من عداه { فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } قيل المراد بالتوكل الأول استحداثه وإنشاؤه ، وبهذا السعي في بقائه وثبوته فالتوكلان مختلفان .

وقيل معنى الأول إن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله سبحانه لا علينا ، فإن شاء سبحانه أظهرها وإن شاء لم يظهرها . ومعنى الثاني إبداء التوكل على الله في دفع شر الكفار وسفاهتهم .