إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَا لَنَآ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَاۚ وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ} (12)

{ وَمَا لَنَا } أيُّ عذرٍ لنا { أَن لا نَتَوَكَّلَ عَلَى الله } أي في أن لا نتوكل عليه ، ولإظهار النشاطِ بالتوكل عليه والاستلذاذِ بذكر اسمِه تعالى وتعليلِ التوكل { وَقَدْ هَدَانَا } أي والحالُ أنه قد فعل بنا ما يوجبه ويستدعيه حيث هدانا { سُبُلَنَا } أي أرشد كلاًّ منا سبيله ومنهاجَه الذي شرَع له وأوجب عليه سلوكهَ في الدين ، وحيث كانت أذيةُ الكفار مما يوجب القلقَ والاضطرابَ القادح في التوكل ، قالوا على سبيل التوكيد القسميّ مظهرين لكمال العزيمة : { وَلَنَصْبِرَنَّ على مَا آذَيْتُمُونَا } بالعِناد واقتراحِ الآيات وغير ذلك مما لا خير فيه { وَعَلَى الله } خاصة { فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون } فليثبُت المتوكلون على ما أحدثوه من التوكل ، والمرادُ هو المرادُ مما سبق من إيجاب التوكلِ على أنفسهم ، والمرادُ بالمتوكّلين المؤمنون ، والتعبيرُ عنهم بذلك لسبق ذكرِ اتصافِهم به ويجوز أن يُرادَ وعليه فليتوكل مَنْ توكل دون غيره .