التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى} (13)

قوله تعالى : { نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ( 13 ) وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا ( 14 ) هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ( 15 ) وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ( 16 ) } شرع الآن في بسط القصة وتبيينها على التفصيل . فذكر الله عز وعلا أن أصحاب الكهف فتية ؛ فهم بذلك شباب وأحداث قد آمنوا بربهم من غير واسطة . فلا جرم أن الشباب ألين طبعا وأرق عاطفة وقلبا ، وأسلس في الانقياد للحق . الشباب أشد إقبالا على منهج الله الذي ترتضيه فطرتهم الغضّة ، السليمة من التلويث وأعظم استجابة للصواب والسداد إذا هتفت بهم هواتف اليقين ؛ فهم بذلك أهدى لسبيل الله المستقيم من الشيوخ الذين يستعصون على الطاعة وسماع الحق في الغالب . وذلك لما ران على فطرتهم من شوائب الدنيا وزينتها الفاتنة ، وبما رسخ في أعماقهم من الأهواء وحب الشهوات ، من المال والجاه وغيرهما . لذلك كان أكثر الناس إقبالا على الإسلام الشباب ، وكان أكثر أصحاب رسول الله ( ص ) شبابا . قوله : ( وزدناهم هدى ) أي زدناهم إيمانا مع إيمانهم ؛ ويقينا إلى يقينهم ، فصبروا على هجران الأهل والوطن ، والرضى بخشونة العيش في الكهف بعد الذي كانوا فيه من رغد الحياة ولين العيش والنعمة . ويستدل بهذه الآية على زيادة الإيمان ولأنه يزيد وينقص . وهو قول فريق من أهل العلم . يعزز هذا المذهب قوله تعالى : ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) وقوله : ( ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم )