التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَمَا يَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلَن يُكۡفَرُوهُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (115)

قوله : ( وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ) ذلك إخبار من الله تعالى عن الجماعة الموصوفة سابقا بالقائمة ، التالية آيات الله ، الساجدة ، بأنها لا تفعل من خير أو تعمل من عمل لله فلن يكفرهم الله . من الكفر وهو التغطية والستر . كفره أي غطاه وستره . والكفر والكفران بمعنى الجحود والستر .

والمقصود أن ما تعمله هذه الأمة من خير فلن يبطل الله ثواب أعمالهم ولا يدعهم بغير جزاء منه لهم . ولكنه يجزل لهم الثواب ويكتب لهم الجزاء والكرامة ، خلافا لما كان يهدي به أحبار يهود لما قالوا لهم : لقد كفرتم وخسرتم . أو خنتم حين استبدلتم بدينكم دينا غيره .

قوله : ( والله عليم بالمتقين ) الله عليم بأهل التقوى ، وهم الذين يؤمنون به في قرارة أنفسهم من غير شك في ذلك ولا فتور ويخافونه خوفا دائما . فهم بذلك يبادرون لله بالطاعة ، والانزجار عن المعاصي والموبقات . والله يطمئن عباده الصالحين المخلصين بأن أعمالهم الصالحة لا يأتي عليها حبوط ولا نسيان ، بل إن الله عليم بها وهو مجاز عنها في الدين والدنيا ، وفي ذلك ما يسكب في قلوب المؤمنين المخلصين البهجة والشرح لما يجدونه من تكريم الله لهو وعدم التفريط فيهم ، وأنهم غير مضيعين ولا مهمشين ، وإن همشهم الناس وتغافلوا عنهم{[569]} .


[569]:- تفسير الطبري جـ 54 ص 38 وتفسير الرازي جـ 8 ص 205-209 والقاموس المحيط جـ 2 ص 132.