إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَا يَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَلَن يُكۡفَرُوهُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ} (115)

{ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ } كائناً ما كان مما ذُكر أو لم يُذكر { فَلَنْ يُكْفَروهُ } أي لن يعدَموا ثوابَه اْلبتةَ ، عبّر عنه بذلك كما عبر عن تَوْفية الثوابِ بالشكر إظهاراً لكمال تنزّهِه سبحانه وتعالى عن ترك إثابتِهم بتصويره بصورة ما يستحيل صدورُه عنه تعالى من القبائح ، وتعديتُه إلى مفعولين بتضمين معنى الحرمانِ ، وإيثارُ صيغةِ البناءِ للمفعول للجري على سنن الكبرياء وقرئ الفعلانِ على صيغة الخطاب . { والله عَلِيمٌ بالمتقين } تذييلٌ مقرِّرٌ ما قبله ، فإن علمَه تعالى بأحوالهم يستدعي تَوْفيةَ أجورِهم لا محالة ، والمرادُ بالمتقين إما الأمةُ المعهودةُ ، وضع موضِعَ الضميرِ العائدِ إليهم مدحاً لهم وتعييناً لعُنوان تعلّقِ العلمِ بهم وإشعاراً بمناط إثابتِهم هو التقوى المنطويةُ على الخصائص السالفةِ وإما جنسُ المتقين عموماً وهم مندرجون تحت حُكمِه اندراجاً أولياً .