التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (101)

ثم يقول سبحانه : ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) .

وذلك استفهام إنكاري . وتقدير الكلام : من أين يأتيكم الكفر والإغواء والفتنة ولديكم ما يمنعكم منه ، وهو القرآن الكريم يتلى عليكم ، ذلك الكتاب الذي تتقاطر منه نسائم الإعجاز البالغ ما بين حلاوة في النغم وفصاحة في الكلم ، وروعة خارقة نفاذة في الأسلوب ، لا جرم أن القرآن بإيقاعه المؤثر وجرسه النافذ الساحر وأسلوبه المعبر الباهر بحقيقة المعجزة الربانية المجلجلة من خلال هذا الكلام الحكيم .

وقوله : ( وفيكم رسوله ) أي رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهركم ينبهكم ويعظكم ويزيل ما ينتابكم من شبهات المضلين ، فضلا عن الشخصية الفذة لهذا النبي الحكيم ، الشخصية المتكاملة المثلى التي عز نظيرها في العالمين ، وخلال التاريخ كله ، الشخصية التي تتندى من سجاياها ومزاياها كل معاني الخير والجمال والرحمة .

وفي مثل هذا الصدد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه يوما : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ " قالوا : الملائكة ، قال : " وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم " قالوا : فنحن قال : " وكيف لا تؤمنون وأنا يبن أظهركم ؟ " قالوا : فأي الناس أعجب إيمانا ؟ قال : " قوم يجيئون من بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " {[552]}

قوله : ( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم ) ذلك تحريض من الله للمؤمنين لكي يعتصموا بالله ، أي يستمسكوا بدينه القويم ويستنيروا بنور قرآنه العظيم ، ومن يستمسك بذلك لا جرم أن مآله الرشاد والاهتداء إلى صراط الله المستقيم وهو الإسلام .


[552]:- تفسير ابن كثير جـ 1 ص 387.