قوله : ( ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) أي لزمهم الهوان والضغار أينما وجدوا ( إلا بحبل من الله ) أي بذمة من الله وهو عقد الذمة لهم وإلزامهم بأداء الجزية للمسلمين .
وقوله : ( وحبل من الناس ) المراد به الأمان يعطيه المسلمون لهم كالذي يكون عليه المهادن والمعاهد والأسير .
قوله : ( وباءوا بغضب منه الله ) أي رجعوا به ومكثوا فيه . من البوء وهو المكان . تبوأ فلان منزلا أي نزله ، وبوأ له منزلا أي هيأه له ومكن له فيه . والمعنى أنهم مكثوا في غضب من الله وحلوا فيه{[566]} .
قوله : ( وضربت عليهم المسكنة ) أي كما يضرب البيت على أهله منهم ساكنون في المسكنة وهي الذلة والضعف . وقيل : الجزية . ومنها المسكين وهو الذليل المقهور .
قوله : ( ذلك بأهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ) ( ذلك ) اسم إشارة لما ذكر وهو ما حصل لليهود من بلايا وهوان وما حاق بهم من ضرب الذلة عليهم والمسكنة ، واستحقاقهم الغضب ، فإن ذلك كله بسبب كفرانهم بآيات الله وهي ما أنزل من بينات ودلائل وحجج وبراهين ، وكذلك قتلهم الأنبياء بغير حق ، يعني ظلما واعتداء . وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله في هذا الصدد : كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم ثلاثمائة نبي .
ولئن كان ذلك علته أفاعيل يهود وجرائرهم فيما مضى من قتل الأنبياء مما اقترفه الآباء السالفون فما جريرة الأبناء المتأخرين فيما بعد ممن لم يصدر عنهم مثل هذا القتل . ؟ ويجاب عن ذلك بأن هؤلاء المتأخرين كانوا راضين بفعل أسلافهم فنسب ذلك الفعل إليهم من حيث كان ذلك الفعل المشين فعلا لآبائهم وأسلافهم ؛ إذ كانوا مصوبين لأسلافهم فيما فعلوه .
وقوله : ( ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) اسم الإشارة ( ذلك ) يعود على الكفر وقتل الأنبياء . أي أن علة كفرهم وقتلهم الأنبياء هو عصيانهم لله واعتداؤهم لحدوده .
فجملة القول في معنى الآية أن الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة والبواء بالغضب منه لكونهم كفروا بآياته وقتلوا أنبياءه . وعلة الكفر وقتل الأنبياء هي المعصية{[567]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.