قوله تعالى : ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ) رسلا مفعول به لفعل محذوف تقديره أرسلنا ، والقصص معناه الحديث ، فقد قص الله على نبيه أخبار الرسل من قبل ، أي من قبل الهجرة من مكة . وثمة رسل آخرون لم يحدث الله نبيه عنهم .
على أن النبيين والمرسلين كثيرون لا يعلم عددهم إلا الله ، والمرسلون أخص منهم فهم أقل ، وقد ورد في ذلك روايات وأقوال شتى تتعلق بأعداد النبيين والمرسلين لكنها روايات وأقوال قابلة للنقد والتجريح وهي لا يطمئن لثبوتها وصدقها الباحث المتحقق ، فنؤثر مع ذلك ألا نركن إليها في مثل هذا المجال . لكن المرسلين الذين ذكرت أسماؤهم في القرآن أربعة وعشرون رسولا ، واختلفوا في ذا الكفل إن كان رسولا أو غيره ، والراجح أنه رسول . والأربعة والعشرون هم على النحو التالي : آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وشعيب وموسى وهارون ويونس وداود وسليمان وإلياس واليسع وزكريا ويحيى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام .
والملاحظ أن عددا عظيما من المرسلين هم من بني إسرائيل بدءا بأبيهم يعقوب وانتهاء بعيسى المسيح عليهم صلاة الله وسلامه . أما العرب فلم يبعث من بينهم إلا أربعة من المرسلين وهم : هود وصالح وشعيب ومحمد عليهم الصلاة والسلام . وقد أورد مثل هذا أبو ذر الغفاري فيما يرويه عن النبي ( ص ) .
قوله : ( وكلم الله موسى تكليما ) تكليما مفعول مطلق منصوب ، وهو دليل تأكيد الكلام من الله لنبيه موسى عليه السلام ؛ كيلا يظن متأول أو واهم بأن الكلام لم يكن من الله على الحقيقة بل على المجاز . والمعلوم أن الفعل إذا عقبه ما يؤكده فقد أفاد أنه بعيد عن المجاز ؛ لأن المجاز مع تأكيد الفعل غير محتمل . وقد أفاد هذا النص القرآني عن عظيم المنزلة التي أنزلها الله نبيه موسى بما يكشف عن مرتبة عظيمة كريمة يحتلها موسى الكليم من بين رسل الله الطاهرين الأبرار ، أو من بين الصفوة أولي العزم من الرسل الذين يجتازون إلى السنام من طليعة البشر المؤمن المفضل . نقول ذلك في غير ما تعصب لجنس أو عرق أو قوم أو غير ذلك مما اعتاد الناس وأصحاب الملل والديانات أن يتعصبوا من أجله . وشأن المسلم وهو يكتب أو يتحدث في مسألة أو قضية أن يصدق مع الله ليكون صادقا مع نفسه والآخرين . إن شاء المسلم في ذلك ألا يجانب الصواب وألا يحابي تحت ضاغط من تعصب لجنس أو عرق أو قوم أو ملة مثلما يفعل المتعصبون والموتورون والدجاجلة من الصليبين واليهود وعبدة الأوثان .
أما التكليم من الله فلا ندري كيف يكون ولا ينسب إلى الله بعد ذلك تشبيه فإنه ( ليس كمثله شيء ) وكل الذي نستطيع أن نتصوره في تصديق ويقين أن الله جلت قدرته قد خاطب نبيه مباشرة على نحو من التكليم الإلهي والطريقة الإلهية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.