التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{رُّسُلٗا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (165)

وقوله : ( رسلا مبشرين ومنذرين ) رسلا منصوب على البداية من قوله : ( رسلا ) السابقة . وقيل : منصوب على المدح بفعل مقدر وتقديره أمدح رسلا{[859]} . هؤلاء الذين ذكرتهم الآية من المرسلين قد بعثهم الله هداة للبشرية ليخرجوهم من الظلمات إلى النور ، ولينقذوهم من ظلام الجاهلية والمادية إلى نور العلم والتوحيد .

ووظيفة المرسلين التبشير والتنذير وذلك بما يناسب أصناف البشر على اختلافهم من حيث الإيمان والتقوى ، أو من حيث الكفران والضلالة ؛ وذلك كله كيلا يكون للناس حجة على ربهم فيتذرعوا بالأسباب والترهات كأن يقولوا ما نزل علينا كتاب من السماء نقرأه ، وما جاءنا من نذير ولا سمعنا من أحد يوقفنا على الحقيقة ويدعونا إلى منهج الله القويم وصراطه المستقيم . والكلمتان ( مبشرين ومنذرين ) كلتاهما نعت منصوب للبدل قبلهما .

أما وقد بعث الله للناس من بينهم رسلا كي يأمروهم ويحذروهم وينهوهم ، ولكي يبينوا لهم دينهم الذي يصلح عليه حالهم ومآلهم ويكونوا به سعداء كرماء ، فقد أصبح الناس أنفسهم محجوجين وأن الحجة لله عليهم ، فلا يلومن هؤلاء بعد ذلك غير أنفسهم .

وقوله : ( وكان الله عزيزا حكيما ) إن الله سبحانه لهو صاحب العزة والقوة والجبروت ، وهو لا يقوى على النيل منه أي كائن ، وهو كذلك ذو الحكمة فيما يحكم أو يقضي وفيما يقدر أو يريد ، ولا يصدر ذلك كله إلا عن حكمته البالغة التي لا يحيط بها إلا هو تقدست أسماؤه .


[859]:- البيان للأنباري جـ 1 ص 277.