التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ يُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوٓاْ أَشُدَّكُمۡ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخٗاۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبۡلُۖ وَلِتَبۡلُغُوٓاْ أَجَلٗا مُّسَمّٗى وَلَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ} (67)

فهو الإله القادر المتفضل الذي بدأ خلق الإنسان من تراب وهو آدم أبو البشر ، ثم خلق نسله من ماء مهين ، وهي النطفة ؛ أي الماء القليل المهين يكون في الأرحام ثم يصير بعد ذلك علقة ، وذلك في حجمها وشكلها من البساطة والهوان ، ثم يخرجكم عقب ذلك أطفالا صغارا لا تعقلون شيئا ، ثم تبلغون بعد ذلك أشدكم من سن الشباب حيث القوة والمتانة في الجسم ، واستكمال الوعي والإدراك والعقل ، ثم تصيرون بعد ذلك شيوخا . ومفرد شيخ وهو من جاوز سن الأربعين . ويقال للأنثى شيخة . وذلك كله بتقدير الله وإرادته وتدبيره ؛ إذ جعلكم تتقلَّبون في هذه المراحل ، واحدة بعد أخرى { وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ } أي من قبل أن يصير شيخا . أو من قبل هذه المراحل جميعها إذا خرج من بطن أمه سقطًا .

قوله : { وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى } أي لتبلغوا أجلا محدودا لا تجاوزنه ولا تسبقونه وهو الموت ؛ فهو مصير كل واحد ، لا يستأخر عنه ولا يستقدم .

قوله : { وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي بيَّن الله لكم هذه الأخبار عن خَلْقكم ؛ إذْ تصيرون خلقا من بعد خلْق سواء في الأرحام أو خارجها ، لتتعظوا بذلك وتعتبروا فتوقنوا أن الله حق ، وأنه وحده خَليقٌ بالعبادة والطاعة .