التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون 23 قل إن كان آباؤكم وأبنائكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ذكر في سبب نزول هذه الآية أنه لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة جعل الرجل يقول لأبيه وأخيه وامرأته : إنا قد أمرنا بالهجرة ، فمنهم من يسرع إلى ذلك ويعجبه ، ومنهم من يتعلق به زوجته وعياله وولده فيقولون : نشدناك الله إن تدعنا إلى غير شيء فنضيع ، فيرق فيجلس معهم ويدع الهجرة فنزلت : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آبائكم وإخوانكم } {[1744]} وفي هذه الآية يأمر الله المؤمنين بمباينة الكافرين وعدم موالاتهم وإن كانوا آباءهم وإخوانهم إن اختاروا الكفر على الإيمان . وهذه مفاصلة ظاهرة بين الإيمان والكفر ، أو بين الحق والباطل . فهما نقيضان متضادان لا يلتقيان . أو هما سبيلان مختلفان أعظم اختلاف ؛ فسبيل الإيمان والهداية والتقى غير سبيل الكفران والعماية والفجور . فاولئكم يدعون إلى الحق والخير والجنة ، وهؤلاء يدعون إلى الضلال والباطل والجحيم . لا جرم أن الفريقين لا يستويان ، كما لا يستوي أهل الجنة وأهل النار .

ولذلك حذر الله تعالى تحذيرا من موالاة المؤمنين للكافرين ؛ فإنه لا يتولى الكافرين أو يتبعهم ويناصرهم إلا من كانوا لهم نظراء وشركاء . وقد توعد الله في آية أخرى من يتولى الكافرين بقوله : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم }


[1744]:أسباب النزول للنيسابوري ص 164.