التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (26)

قوله : { ثم أنزل الله السكينة على رسوله وعلى المؤمنين } أي بعد أن زلزل المسلمون لما أصابهم من هول المباغتة واشتداد الكرب ، أنزل الله عليهم ما يسكنهم ويثبت قلبوهم بالرحمة والطمأنينة ، فمكثوا ثابتين أشداء لا يروعهم الفزع ولا جموع المشركين .

قوله : { وأنزل جنودا لم تروها } أي أنزل الملائكة ليكونوا مع المؤمنين في ساحة القتال يشتدون أزرهم ويقوون من بأسهم وعزيمتهم ، ويضعفون الكافرين بالتخذيل والتجبين من حيث لا يراهم أحد . وفي هذا الصدد قال الإمام أبو جعفر ابن جرير عن أبي جميلة الأعرابي قال : سمعت عبد الرحمن مولى أم برثن قال : حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين ، قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لم يقوموا لنا حلب شاة ، قال : فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم في أدبارهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء ، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فتلقانا عنده رجال بيض حسان الوجوه ، فقالوا بنا : ( شاهت الوجوه ، ارجعوا ) فانهزمنا وركبوا أكتافا{[1746]} .

قوله : { وعذاب الذين كفروا وذالك جزاء الكافرين } أي عذاب الله الكافرين في الدنيا بالقتل والإذلال والهزيمة على أيدي المسلمين . وهذا جزاء كفرهم وجحودهم ومحاربتهم لله ولرسوله وللمؤمنين .


[1746]:تفسير ابن كثير جـ 2 ص 345 وتفسير الطبري جـ 10 ص 73.