التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

و{ ألا تعلوا عليّ } يكون هو أول كتاب سليمان ، وأنها حكاية لكلام بلقيس . قال في « الكشف » يتبين أن قوله : { إنه من سليمان } بيان لعنوان الكتاب وأن قوله : { وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } إلخ بيان لمضمون الكتاب فلا يرد سؤال كيف قدم قوله : { إنه من سليمان } على { إنه بسم الله الرحمن الرحيم } . ولم تزل نفسي غير منثلجة لهذه الوجوه في هذه الآية ويخطر ببالي أن موقع ( أَنْ ) هذه استعمال خاص في افتتاح الكلام يعتمد عليه المتكلم في أول كلامه .

وأنها المخففة من الثقيلة . وقد رأيتُ في بعض خطب النبي صلى الله عليه وسلم الافتتاح ب ( أنْ ) في ثاني خُطبة خطبها بالمدينة في « سيرة ابن إسحاق » . وذكر السهيلي : أَنَّ الحمدُ ، مضبوط بضمة على تقدير ضمير الأمر والشأن . ولكن كلامه جرى على أن حرف ( إن ) مكسور الهمزة مشدد النون . ويظهر لي أن الهمزة مفتوحة وأنه استعمال ل ( أنْ ) المخففة من الثقيلة في افتتاح الأمور المهمة وأن منه قوله تعالى : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] .

و { ألا تعلوا عليّ } نهي مستعمل في التهديد ولذلك أتبعته ملكة سبأ بقولها : { يأيها الملأ أفتوني في أمري } [ النمل : 32 ] .