إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

{ أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } أنْ مفسرةٌ ولا ناهيةٌ أي لا تتكبروا كما يفعلُ جبابرةُ الملوكِ ، وقيل : مصدريةٌ ناصبةٌ للفعلِ ولا نافيةٌ محلُّها الرَّفعُ على أنَّها بدلٌ من كتابٌ ، أو خبرٌ لمبتدأٍ مضمرٍ يليقُ بالمقام ، أي مضمونُه أنْ لا تعلُوا ، أو النَّصبُ بإسقاطِ الخافضِ أي بأنْ لا تعلُوا عليَّ . وقرئ ألا تغلُوا بالغينِ المعجمةِ أي لا تجاوزُوا حدَّكم . { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } أي مؤمنينَ وقيل : منقادينَ والأولُ هو الأليقُ بشأنِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ على أنَّ الإيمانَ مستتبعٌ للانقياد حتماً . روي أنَّ نسخةَ الكتابِ «من عبدِ اللَّهِ سلميانَ بنِ داودَ إلى بلقيسَ ملكةِ سبأً السَّلامُ على من اتبعَ الهُدَى أمَّا بعدُ فلا تعلُوا عليَّ وائتوني مسلمينَ » وليسَ الأمرُ فيه بالإسلامِ قبل إقامةِ الحجَّة على رسالتِه حتَّى يُتوهم كونُه استدعاءاً للتقليدِ فإنَّ إلقاء الكتابِ إليها على تلك الحالةِ معجزةٌ باهرةٌ دالَّةٌ على رسالةِ مُرسِلها دلالةً بينةً .