الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

وأن في { أَلاَّ تَعْلُواْ } مفسرة أيضاً . لا تعلوا : لا تتكبروا كما يفعل الملوك . وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما بالغين معجمة من الغلو : وهو مجاوزة الحد . يروى أنّ نسخة الكتاب من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ : السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فلا تعلوا عليّ وائتوني مسلمين ، وكانت كتب الأنبياء عليهم السلام جملاً لا يطيلون ولا يكثرون ، وطبع الكتاب بالمسك وختمه بخاتمه ، فوجدها الهدهد راقدة في قصرها بمأرب ، وكانت إذا رقدت غلقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها ، فدخل من كوة وطرح الكتاب على نحرها وهي مستلقية . وقيل : نقرها فانتبهت فزعة . وقيل : أتاها والقادة والجنود حواليها ، فرفرف ساعة والناس ينظرون حتى رفعت رأسها ، فألقى الكتاب في حجرها ، وكانت قارئة كاتبة عربية من نسل تبع بن شراحيل الحميري ؛ فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت ، وقالت لقومها ما قالت : { مُسْلِمِينَ } منقادين أو مؤمنين .