التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

عطف على جملة { ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم } [ القصص : 47 ] الآية ، وما عطف عليها من قوله { فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى } [ القصص : 48 ] .

والتوصيل : مبالغة في الوصل ، وهو ضم بعض الشيء إلى بعض يقال : وصل الحبل إذا ضم قطعه بعضها إلى بعض فصار حبلاً .

والقول مراد به القرآن قال تعالى { إنه لقول فصل } [ الطارق : 13 ] وقال { إنه لقول رسول كريم } [ الحاقة : 40 ] ، فالتعريف للعهد ، أي القول المعهود . وللتوصيل أحوال كثيرة فهو باعتبار ألفاظه وصل بعضه ببعض ولم ينزل جملة واحدة ، وباعتبار معانيه وصل أصنافاً من الكلام : وعداً ، ووعيداً ، وترغيباً ، وترهيباً ، وقصصاً ومواعظ وعبراً ، ونصائح يعقب بعضها بعضاً وينتقل من فن إلى فن وفي كل ذلك عون على نشاط الذهن للتذكر والتدبر .

واللام و ( قد ) كلاهما للتأكيد رداً عليه إذ جهلوا حكمة تنجيم نزول القرآن وذُكرت لهم حكمة تنجيمه هنا بما يرجع إلى فائدتهم بقوله { لعلهم يذَّكَرون= } . وذكر في آية سورة [ الفرقان : 32 ] حكمة أخرى راجعة إلى فائدة الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنُثبِّت به فؤادك } وفهم من ذلك أنهم لم يتذكروا . وضمير { لهم } عائد إلى المشركين .