تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

[ الآية 51 ] وقوله تعالى : { ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون } اختلف فيه : قال قائلون : هو القرآن . ثم يخرج على وجهين :

أحدهما : وصل القرآن بعضه ببعض حتى خرج كله موافق بعضه بعضها مصدقا غير مختلف ، وإن فرق في الإنزال على تباعد الأوقات وطول المدد { لعلهم يتذكرون } أن مثل هذا لا يكون إلا ممن يعلم الغيب ، ولا يعزب/ 399- أ/ عنه شيء ، ولا يغيب ؛ إذ لو كان هو ممن لا يعلم ذلك من كلام المخلوق لخرج مختلفا متناقضا على ما يقول من كلام المخلوق في تباعد الوقت وطول المدة مختلفا متناقضا .

والثاني : وصل مواعظ القرآن بعضها ببعض ومواعيده بعضها ببعض وعداته بعضها ببعض . وكذلك أوامره ونواهيه ، وإن تفرق نزولها ، واختلفت مواضعها ؛ يدوعهم [ لما يدعوهم به مرة بعد ]{[15411]} مرة { لعلهم يتذكرون } به .

ومنهم من يقول في قوله : { ولقد وصلنا لهم القول } أي الأنباء وأخبار الأمم الخالية نبأ [ بعد نبإ ]{[15412]} وخبرا على إثر خبر ما نزل بمكذبي الرسل منهم من الهلاك والعذاب ومصدقي الرسل من النجاة والبقاء في النعم الدائمة على إقرار منهم بذلك وعلم أنه كان بهم ذلك { لعلهم يتذكرون } ذلك ، وينزجرون عن تكذيب رسولهم مخافة أن ينزل بهم التكذيب ما نزل بأولئك .

وجائز أن يكون قوله : { وصلنا لهم القول } أي قول التوحيد . ووجه هذا أن وصلنا التوحيد [ حتى جعلنا في كل أمة وكل قوم أهل توحيد ]{[15413]} لم نخل قوما ولا أمة عنه كقوله تعالى : { ولكل قوم هاد } [ الرعد : 7 ] ، وكقوله : { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق } [ الأعراف : 159 ] ونحو ذلك من الآيات على أن [ في ]{[15414]} كل أمة وقرن أهل توحيد { لعلهم يتذكرون } أن في آبائهم من قد آمن بالرسل ، وصدق بهم ، ولا يقولون : إن آباءنا على ما نحن{[15415]} عليه . يشبه أن يكون هذا وصل القول الذي ذكر { ولقد وصلنا لهم القول } .

قال أبو عوسجة والقتبي : { ولقد وصلنا لهم القول } أي أتبعنا بعضه بعضا ، واتصل عندهم . وقال بعضهم : { ولقد وصلنا } أي بينا شيئا فشيئا حتى صار عندهم ظاهر . وقال أبو معاذ : وصلنا في كلام العرب : أتممنا كصلتك الشيء بالشيء .


[15411]:- من نسخة الحرم المكي، في الأصل به، في م: به مرة بعد.
[15412]:- من م، ساقطة من الأصل.
[15413]:- من م ساقطة من الأصل وم.
[15414]:- ساقطة من الأصل وم.
[15415]:- في الأصل وم: هم.