الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

قوله تعالى : " ولقد وصلنا لهم القول " أي أتبعنا بعضه بعضا ، وبعثنا رسولا بعد رسول وقرأ الحسن " وصلنا " مخففا . وقال أبو عبيدة والأخفش : معنى " وصلنا " أتممنا كصلتك الشيء . وقال ابن عيينه والسدي : بيّنا وقاله ابن عباس . وقال مجاهد : فصلنا وكذلك كان يقرؤها . وقال ابن زيد : وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم في الآخرة في الدنيا . وقال أهل المعاني : وَاَلينا وتابعنا وأنزلنا القرآن تبع بعضه بعضا : وعدا ووعيدا وقصصا وعبرا ونصائح ومواعظ إرادة أن يتذكروا فيفلحوا وأصلها من وصل الحبال بعضها ببعض قال الشاعر :

فقل لبني مروان ما بالُ ذِمَّةٍ *** وحبلٍ ضعيفٍ ما يزالُ يُوَصَّلُ{[12373]}

وقال امرؤ القيس :

دَرِيرٍ كَخُذْرُوفِ الوليدِ أمَرَّهُ *** تَقَلُّبَ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ{[12374]}

والضمير في " لهم " لقريش . عن مجاهد . وقيل : هو لليهود . وقيل : هو لهم جميعا . والآية رد على من قال : هلا أوتي محمد القرآن جملة واحدة " لعلهم يتذكرون " قال ابن عباس : يتذكرون محمدا فيؤمنوا به . وقيل : يتذكرون فيخافوا أن ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم . قاله علي بن عيسى . وقيل : لعلهم يتعظون بالقرآن عن عبادة الأصنام . حكاه النقاش .


[12373]:رواية البحر وروح المعاني: ما بال ذمتي * بحبل... ...الخ.
[12374]:درير: مستدر في العدو. يصف سرعة جري فرسه. والخذروف شيء يدوّره الصبي في يده ويسمع له صوت ويسمى الخرارة. وأمره أحكم فتله.