{ حتى } في هذا الموضع حرف ابتداء ويحتمل أن تكون غاية مجردة بتقدير كلام محذوف ، والأول أبين لأن ما بعدها هو المعنيّ به المقصود ذكره{[8544]} ، والضمير في قوله { أحدهم } للكفار ، وقوله { ارجعون } معناه إلى الحياة الدنيا ، وجمع الضمير يتخرج على معنيين إما أن يخاطبه مخاطبة الجمع تعظيماً على نحو إخباره تعالى عن نفسه بنون الجماعة في غير موضع ، وإما أن تكون استغاثة بربه اولاً .
ثم خاطب ملائكة العذاب بقوله { ارجعون } ، وقال الضحاك هي من المشرك ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ، لعائشة «إذا عاين المؤمن قالت الملائكة نرجعك فيقول إلى دار الهموم والأحزان بل قدماً إلى الله وأما الكافر فيقول { ارجعون لعلي أعمل صالحاً } »{[8544]} .
{ حتى } ابتدائية وقد علمت مفادها غير مرة ، وتقدمت في سورة الأنبياء . ولا تفيد أن مضمون ما قبلها مُغيّا بها فلا حاجة إلى تعليق ( حتى ) ب { يصفون } [ المؤمنون : 91 ] . والوجه أن ( حتى ) متصلة بقوله { وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون } [ المؤمنون : 95 ] . فهذا انتقال إلى وصف ما يلقون من العذاب في الآخرة بعد أن ذكر عذابهم في الدنيا فيكون قوله هنا { حتى إذا جاء أحدهم الموت } وصفاً أُنُفا لعذابهم في الآخرة . وهو الذي رجحنا به أن يكون ما سبق ذكره من العذاب ثلاث مرات عذاباً في الدنيا لا في الآخرة . فإن حملتَ العذاب السابق الذكر على عذاب الآخرة كان ذلك إجمالاً وكان قوله { حتى إذا جاء أحدهم الموت } إلى آخره تفصيلاً له .
وضمائر الغيبة عائدة إلى ما عادت عليه الضمائر السابقة من قوله { قالوا أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أإنا لمبعوثون } [ المؤمنون : 82 ] إلى ما هنا وليست عايدة إلى الشياطين . ولقصد إدماج التهديد بما سيشاهدون من عذاب أعدّ لهم فيندمون على تفريطهم في مدة حياتهم .
وضمير الجمع في { ارجعون } تعظيم للمخاطب . والخطاب بصيغة الجمع لقصد التعظيم طريقة عربية ، وهو يلزم صيغة التذكير فيقال في خطاب المرأة إذا قصد تعظيمها : أنتم . ولا يقال : أنتن . قال العرجي :
فإن شئتتِ حرَّمتُ النساء سواكم *** وإن شئتتِ لم أطعم نُقاخاً ولا بردا
فقال : سواكم ، وقال جعفر بن علبة الحارثي من شعراء الحماسة :
فلا تحسبي أني تخشعت بعدكم *** لشيء ولا أني من الموت أفرق
فقال : بعدكم ، وقد حصل لي هذا باستقراء كلامهم ولم أر من وقَّف عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.