تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ} (99)

الآية 99 : وقوله تعالى : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون }ظاهر هذا أن يكون قوله : { رب ارجعون }بعد الموت وبعد ما عاين أهوال الآخرة وأفزاعها ، لأن الموت ليس هو شيئا يأتي من مكان إلى مكان ، إنما هو شيء يذهب بالحياة التي فيهم .

إلا أن أهل التأويل قالوا : إن ذلك عند معاينتهم ملك الموت وعند هجومه عليهم بأهواله فعند ذلك يسألونك الرجعة إلى الدنيا . والأول أشبه ، وأقرب .

ثم قوله تعالى : { حتى إذا جاء أحدهم الموت } ليس هو صلة قوله : { وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين }{ وأعوذ بك رب أن يحضرون } ولا جوابه لأنه ليس من نوعه ولا من جنس ذلك ، ولكنه ، والله أعلم ، صلة قوله : { بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون }( المؤمنون : 90 ) وجواب قوله : { وأكثرهم للحق كارهون }( المؤمنون : 70 ) ونحوه الذي تقدم ذكره . يقول : وإنهم على ذلك{ حتى إذا جاء أحدهم الموت } فعند ذلك يرجع إلى الحق والتصديق . لكن ذلك لا ينفعه في ذلك الوقت .

{ قال رب ارجعون }ولم يقل : رب أرجعني ، وذلك يخرج على وجهين : أحدهما : سأل على ما يسأل الملوك ، ويخاطبون افعلوا كذا على الجماعة ، وإن كان إنما يخاطب واحدا على ما خرج جواب الله وقوله : إنا فعلنا كذا : ونفعل كذا .

والثاني : أن يكون قوله : { رب ارجعون }يسأل ربه أن يأمر الملائكة الذين يتولون قبض أرواحهم ، أن يرجعوه إلى ما ذكر ، والله أعلم .