إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ} (99)

{ حتى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الموت } حتَّى هي التي يُبتدأ بها الكلامُ دخلتْ على الجملةِ الشَّرطيَّةِ وهي مع ذلك غايةٌ لما قبلها متعلِّقةٌ بيصفُون وما بينهُما اعتراضٌ مؤكِّدٌ للإغضاءِ بالاستعاذة به تعالى من الشَّياطين أنْ يزلُّوه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن الحِلْمِ ويُغروه على الانتقام لكنْ لا بمعنى أنَّه العاملُ فيه لفساد المعنى ، بل بمعنى أنَّه معمولٌ لمحذوفٍ يدلُّ عليه ذلك . وتعلُّقها بكاذبونَ في غاية البُعدِ لفظاً ومعنى ، أي يستمرُّون على الوصف المذكورِ حتَّى إذا جاءَ أحدَهم أيَّ أحدٍ كان الموتُ الذي لا مرَدَّ له وظهرتْ له أحوالُ الآخرةِ { قَالَ } تحسُّراً على ما فَرَّطَ فيه من الإيمانِ والطَّاعةِ { رَبّ ارجعون } أي رُدَّني إلى الدُّنيا . والواوُ لتعظيم المخاطَبِ وقيل : لتكرير قوله ارجعنِي كما قيل في : قِفَا نَبْكِ ، ونظائرِه .