المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِيَ فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَٰرَ} (32)

وقوله تعالى : { الله الذي خلق السماوات } الآية ، تذكير بآلاء الله ، وتنبيه على قدرته التي فيها إحسان إلى البشر لتقوم الحجة من جهتين .

و { الله } مبتدأ ، و { الذي } خبره . ومن أخبر بهذه الجملة وتقررت في نفسه آمن وصلى وأنفق . و { السماوات } هي الأرقعة السبعة والسماء في قوله ، { وأنزل من السماء } [ البقرة : 22 ] السحاب .

وقوله : { من الثمرات }{[7084]} يجوز أن تكون { من } للتبعيض ، فيكون المراد بعض جني الأشجار ، ويسقط ما كان منها سماً أو مجرداً للمضرات ، ويجوز أن تكون { من } لبيان الجنس ، كأنه قال : فأخرج به رزقاً لكم من الثمرات ، وقال بعض الناس : { من } زائدة -وهذا لا يجوز عند سيبويه لكونها في الواجب ويجوز عند الأخفش .

و { الفلك } جمع فلك - وقد تقدم القول فيه مراراً - وقوله : { بأمره } مصدر من أمر يأمر ، وهذا راجع إلى الكلام القائم بالذات ، كقول الله تعالى للبحار والأرض وسائر الأشياء ، كن - عند الإيجاد - إنما معناه : كن بحال كذا وعلى وتيرة كذا ، وفي هذا يندرج جريان الفلك وغيره .

وفي «تسخير الفلك » ينطوي تسخير البحر وتسخير الرياح ، وأما «تسخير الأنهار » فتفجرها في كل بلد ، وانقيادها للسقي وسائر المنافع .


[7084]:قال أبو حيان: هذا ليس بجيد، لأن "من" التي لبيان الجنس إنما تأتي بعد المبهم الذي تبينه.