غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ لِتَجۡرِيَ فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡهَٰرَ} (32)

18

ولما ختم أحوال المعاد عاد الى المبدإ فقال : { الله } وهو مبتدأ خبره { الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم } وقد مر في أول " البقرة " والمراد من السماء جهة العلو . وقيل : نفس السماء ، وزيف بأن الإنسان ربما كان واقفاً على قلة جبل عال ويرى الغيم أسفل منه ، وإذا نزل من ذلك الجبل يرى الغيم ماطراً عليه . { وسخر لكم الفلك } كقوله في أواسط البقرة { والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس } { الآية :164 } وقد مر . ومعنى { بأمره } بتيسيره وتسييره لأنه خلق موادها وألهم صنعتها وجعل الماء بحيث يسهل على وجهه جريها ، ولأن الملك العظيم قلما يوصف بأنه فعل وإنما يقال إنه أمر بكذا . ومنهم من حمل الأمر على الظاهر أي بقوله : " كن " . { وسخر لكم الأنهار } وجه المنة فيها أن البحر قلما ينتفع به في العمارة والزراعة لعمقه ولملوحته ففجر الله الأنهار والعيون والآبار الصالحة للانتفاع بها كما لا يخفى .

/خ34