ولما أطال تعالى الكلام في وصف أحوال السعداء والأشقياء ، وكان حصول السعادة بمعرفة الله وصفاته ، والشقاوة بالجهل ، بذلك ختم وصفه بالدلائل الدالة على وجود الصانع وكمال علمه وقدرته فقال : الله الذي خلق السموات والأرض وذكر عشرة أنواع من الدلائل فذكر أولاً إبداعه وإنشاء السموات والأرض ، ثم أعقب بباقي الدلائل ، وأبرزها في جمل مستقلة ليدل وينبّه على أنّ كل جملة منها مستقلة في الدلالة ، ولم يجعل متعلقاتها معطوفات عطف المفرد على المفرد ، والله مرفوع على الابتداء ، والذي خبره .
قال ابن عطية : ومن أخبر بهذه الجملة وتقررت في نفسه آمن وصلى وأنفق انتهى .
يشير إلى ما تقدم من قوله : إنّ معمول قل هو قوله تعالى الله الذي خلق السموات والأرض الآية .
فكأنه يقول : يقيموا الصلاة ، جواب لقوله : قل لعبادي الله الذي خلق السموات والأرض .
والظاهر أن مفعول أخرج هو رزقاً لكم ، ومِنْ للتبعيض .
ولما تقدّم على النكرة كان في موضع الحال ، ويكون المعنى : إن الرزق هو بعض جنى الأشجار ، ويخرج منها ما ليس برزق كالمجرد للمضرات .
ويجوز أن تكون مِن لبيان الجنس قاله ابن عطية والزمخشري ، وكأنه قال : فأخرج به رزقاً لكم هو الثمرات .
وهذا ليس بجيد ، لأنّ من التي لبيان الجنس إنما تأتي بعد المبهم الذي تبينه .
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون من الثمرات مفعول أخرج ، ورزقاً حالاً من المفعول ، أو نصباً على المصدر من أخرج ، لأنه في معنى رزق .
وقيل : من زائدة ، وهذا لا يجوز عند جمهور البصريين ، لأنّ ما قبلها واجب ، وبعدها معرفة ، ويجوز عند الأخفش .
والفلك هنا جمع فلك ، ولذلك قال : لتجري .
ومعنى بأمره : راجع إلى الأمر القائم بالذات .
وانطوى في تسخير الفلك تسخير البحار ، وتسخير الرياح .
وأما تسخير الأنهار فبجريانها وبتفجيرها للانتفاع بها .
وانتصب دائبين على الحال والمعنى : يدأبان في سيرهما وإنارتهما وإصلاحهما ما يصلحان من الأرض والأبدان والنبات ، عن مقاتل بن حبان يرفعه إلى ابن عباس أنه قال : معناه دائبين في طاعة الله .
قال ابن عطية : وهذا قول إن كان يراد به أنّ الطاعة انقياد منهما في التسخير ، فذلك موجود في قوله : سخر ، وإن كان يراد أنها طاعة مقصودة كطاعة العبادة من البشر فهذا جيد ، والله أعلم انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.