المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

و «حبطت » معناه : بطلت ، و { أعمالهم } : يريد ما كان لهم من عمل خير ، وقوله { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً }{[1]} يحتمل أن يريد أنه لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ، ومن لا حسنة له فهو في النار لا محالة ، ويحتمل أن يريد المجاز والاستعارة ، كأنه قال فلا قدر لهم عندنا يومئذ ، فهذا معنى الآية عندي ، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يؤتى بالأكول الشروب الطويل فلا يزن بعوضة » ثم يقرأ { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .

وقرأ الجمهور «فحبِطت » بكسر الباء ، وقرأ ابن عباس وأبو السمال «فحبَطت » بفتح الباء ، وقرأ كعب بن عجرة{[2]} والحسن وأبو عمرو ونافع والناس «فلا نقيم لهم » بنون العظمة ، وقرأ مجاهد «فلا يقيم » ، بياء الغائب ، يريد فلا يقيم الله عز وجل ، وقرأ عبيد بن عمير : «فلا يقوم » ويلزمه أن يقرأ «وزن » ، وكذلك قول مجاهد «يقول لهم يوم القيامة » .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.