الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة » .

وقال : « اقرأوا إن شئتم { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } » .

وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب ، فلا يزن عند الله تبارك تعالى جناح بعوضة ، اقرؤوا إن شئتم { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } » .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجهاً أحسنه وأطيبه ريحاً ، فيقوم بجنب صاحبه فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله ، فيقول له : جزاك الله خيراً من صاحب ، فما أحسن صورتك . . . ! وأطيب ريحك ! فيقول له : أما تعرفني ؟ تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا ، أنا عملك . . . إن عملك كان حسناً فترى صورتي حسنة ، وكان طيباً فترى ريحي طيبة . فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب ، هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في الدنيا ، طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني فيه .

فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب ، قد كنت أرغب له عن هذا وأرجو له منك أفضل من هذا . فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله ، فيقول : يا رب ، إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته . فيشفع في أقاربه .

وإذا كان كافراً مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه ، فكلما جاءه روع زاده روعاً فيقول : قبحك الله من صاحب ، فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك . . . ! فيقول : من أنت ؟ قال : أما تعرفني ؟ أنا عملك ، إن عملك كان قبيحاً فترى صورتي قبيحة ، وكان منتناً فترى ريحي منتنة . فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا . فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزناً .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ، عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ، ثم تلا { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .

وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ، ثم يوزن فلا يزن شعيرة ، ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة . ثم قرأ { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } يقول : ليس لهم وزن .