الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلَا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنٗا} (105)

فإِذا طلبوا ذلك ، فقل لهم : { أولئك الذين كَفَرُوا بآيات رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } [ الكهف : 105 ] .

وعن سعد بن أبي وقَّاص في معنى قوله تعالى : { وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } [ الكهف : 104 ] قال : هُمْ عُبَّاد اليهودِ والنصارى ، وأهْلُ الصوامع والدِّياراتِ وعن عَلِيٍّ : هم الخوارجُ ويضعِّف هذا كلَّه قولُهُ تعالى بعْدَ ذلك : { أولئك الذين كَفَرُوا بآيات رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } ، وليس هذه الطوائف ممن يكفر باللَّه ولقائه ، وإِنما هذه صفة مشركي عَبَدَةِ الأوثان ، وعليٌّ وسعْدٌ رضي اللَّه عنهما ، ذكَرا قوماً أَخَذُوا بحظِّهم من صدر الآية .

وقوله سبحانه : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً } [ الكهف : 105 ] يريد أنهم لا حسنَةَ لهم تُوزَنْ لأن أعمالهم قد حَبِطَتْ ، أي : بَطَلَتْ ، ويحتمل المجاز والاستعارة ، كأنه قال : فلا قَدْرَ لهم عندنا يومئذ ، وهذا معنى الآية عنْدي . وروى أبو هريرة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( يُؤَتَى بالأكُولِ الشَّرُوبِ الطَّوِيل فَلاَ يَزِنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ) ثم قَرَأَ : { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْناً } . وقوله ذلك إشارة إلى ترك إقامة الوزن .