معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (14)

قوله عز وجل : { كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع } وهو تبع الحميري ، واسمه اسعد أبو كرب ، قال قتادة : ذم الله قومه ، ولم يذمه ، ذكرنا قصته في سورة الدخان . { كل كذب الرسل } كل من هؤلاء المذكورين كذب الرسل ، { فحق وعيد } وجب لهم عذابي . ثم أنزل جواباً لقولهم ذلك رجع بعيد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (14)

و { الأيكة } : الشجر الملتف ، وهم قوم شعيب ، والألف واللام من { الأيكة } غير معرفة ، لأن «أيكة » اسم علم كطلحة يقال أيكة وليكة ، فهي كالألف واللام في الشمس والقمر وفي الصفات الغالبة وفي هذا نظر . وقرأ «الأيكة » بالهمز أبو جعفر ونافع وشيبة وطلحة .

{ وقوم تبع } هم حمير و { تبع } - سم فيهم ، يذهب تبع ويجيء تبع ككسرى في الفرس وقيصر في الروم ، وكان أسعد أبو كرب أحد التبابعة رجلاً صالحاً صحب حبرين فتعلم منهما دين موسى عليه السلام ثم إن قومه أنكروا ذلك عليه فندبهم إلى محاجة الحبرين ، فوقعت بينهم مجادلة ، واتفقوا على أن يدخلوا جميعهم النار التي في القربان ، فمن أكلته فهو المبطل ، فدخلوها فاحترق { قوم تبع } ، وخرج الحبران تعرق جباههما ، فهلك القوم المخالفون وآمن سائر { قوم تبع } بدين الحبرين .

وفي الحديث اختلاف كثير . أثبت أصح ذلك على ما في سير ابن هشام . وذكر الطبري عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تلعنوا تبعاً ، فإنه كان قد أسلم »{[10524]} وحكى الثعلبي عن ابن عباس أن تبعاً كان نبياً .

وقوله تعالى : { كل كذب الرسل } قال سيبويه ، التقدير : كلهم وحذف لدلالة كل عليه إيجازاً . و «الوعيد » الذي حق : هو ما سبق به القضاء من تعذيب الكفرة وإهلاك الأمم المكذبة ، ففي هذا تخويف من كذب محمداً صلى الله عليه وسلم .


[10524]:أخرجه ابن جرير الطبري، عن يونس، عن ابن وهب، عن ابن لُهيعة، عن عمرو بن جابر الحضرمي، عن سهل بن سعد الساعدي.