اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (14)

وقال : «قوم تُبّع » ؛ لأن فرعون كان هو المعتبر ، المستبدّ بأمره ، وتبَّع كان معتضداً بقومه فجعل الاعتبار لفرعون وخصه بالذكر . وتبع هو تبع الحِمْيرِيّ ، واسمه سعد أبو كرب . قال قتادة : ذم الله قوم تبع ولم يذمه{[52342]} وتقدم ذكره في سورة الدخان .

قوله : «الأَيْكَة » تقدم الكلام عليها في الشعراء{[52343]} . وقرأ ههنا لَيْكَةَ - بزنة ليلة - أبو جعفر وشيبةُ{[52344]} ، وقال أبو حيان : وقرأ أبو جعفر وشيبة وطلحة ونافع الأيكة - بلام التعريف - والجمهور لَيْكَة{[52345]} . وهذا الذين نقله غفلة منه بل الخلاف المشهور إنما هو في سورة الشعراء و«ص » كما تقدم تحقيقه وأما هنا فالجمهور على لام التَّعرِيْف{[52346]} .

قوله : «كُلٌّ » التنوين عوض عن المضاف إليه{[52347]} . وكان بعض النحاة يُجيزُ ( حَذْفَ ) {[52348]} تنوينها وبناءَها على الضم كالغاية نحو : قَبْلُ وبَعْدُ . واللام في الرسل قيل لتعريف الجنس وهو أن كل واحد كذب جميع الرسل وذلك على وجهين :

أحدهما : أن المكذب للرسول مكذب لكل الرّسل .

وثانيهما : أن المذكورين كانوا منكرين للرسالة والحشر بالكلية{[52349]} .

قوله : «فَحَقَّ وَعِيدِ » أي وجب لهم عذابي أي ما أوعد الله تعالى من نُصرة الرسل عليهم وإهلاكهم .


[52342]:وانظر الرازي 28/161 والبغوي 6/234.
[52343]:وقد تحدثت في سورة "ص" وحققت آية الشعراء من خلال الحديث في سورة "ص".
[52344]:البحر المحيط 8/122.
[52345]:المرجع السابق.
[52346]:وهذا ما أقره صاحب الإتحاف 398.
[52347]:وهو أحد أقسام التنوين مثل قوله: "وأنتم حينئذ تنظرون".
[52348]:ما بين القوسين سقط من (أ) الأصل. ويقصد المؤلف ببعض النحاة محمد بن الوليد. وهو من قدماء نحاة مصر أجاز أن يحذف التنوين من كل جملة غاية ويبنى على الضم كما يبنى قبل وبعد. وانظر البحر المحيط 8/122.
[52349]:ويجوز أن تكون لتعريف العهد أي أن كل واحد كذب رسوله فهم كذبوا الرسل. وانظر الرازي 28/161.