النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (14)

{ وَأَصَحَابُ الأَيْكَةِ } والأيكة الغيضة ذات الشجر الملتف كما قال أبو داود الإيادي :

كأن عرين أيكته تلاقى *** بها جمعان من نبط وروم

قال قتادة : وكان عامة شجرها الدوم ، وكان رسولهم شعيباً ، وأرسل إليهم ، وإلى أهل مدين ، أرسل إلى أمتين من الناس ، وعذبتا بعذابين ، أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة ، وأما أصحاب الأيكة فكانوا أهل شجر متكاوس .

{ وَقَوْمُ تُبَّعٍ } وتبع كان رجلاً من ملوك العرب من حِمير ، سُمي تبعاً لكثرة من تبعه . قال وهب : إن تبعاً أسلم وكفر قومه ، فلذلك ذكر قومه ، ولم يذكر تبع . قال قتادة وهو الذي حير الحيرة وفتح سمرقند حتى أخربها ، وكان يكتب إذا كتب : بسم الله الذي تَسمى وملك براً وبحراً وضحى وريحاً .

{ كُلٌّ كَذَّبَ الرّسلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } يعني أن كل هؤلاء كذبوا من أرسل إليهم ، فحق عليهم وعيد الله وعذابه . فذكر الله قصص هؤلاء لهذه الأمة ، ليعلم المكذبون منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم أنهم كغيرهم من مكذبي الرسل إن أقاموا على التكذيب فلم يؤمنوا ، حتى أرشد الله منهم من أرشد وتبعهم رغباً ورهباً من تبع .