فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (14)

{ وأصحاب الأيكة } تقدّم الكلام على الأيكة ، واختلاف القراء فيها في سورة الشعراء مستوفى ، ونبيهم الذي بعثه الله إليهم شعيب { وَقَوْمُ تُّبَّعٍ } هو تبع الحميري الذي تقدّم ذكره في قوله : { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ } [ الدخان : 37 ] واسمه سعد أبو كرب ، وقيل : أسعد . قال قتادة : ذمّ الله قوم تبع ، ولم يذمه { كُلٌّ كَذَّبَ الرسل } التنوين عوض عن المضاف إليه : أي كل واحد من هؤلاء كذب رسوله الذي أرسله الله إليه ، وكذب ما جاء به من الشرع ، واللام في { الرسل } تكون للعهد ، ويجوز أن تكون للجنس : أي كل طائفة من هذه الطوائف كذبت جميع الرسل ، وإفراد الضمير في { كذب } باعتبار لفظ { كل } ، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأنه قيل له : لا تحزن ، ولا تكثر غمك لتكذيب هؤلاء لك ، فهذا شأن من تقدّمك من الأنبياء ، فإن قومهم كذبوهم ، ولم يصدّقهم إلاّ القليل منهم { فَحَقَّ وَعِيدِ } أي وجب عليهم وعيدي ، وحقّت عليهم كلمة العذاب ، وحل بهم ما قدّره الله عليهم من الخسف والمسخ والإهلاك بالأنواع التي أنزلها الله بهم من عذابه .

/خ15