فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡأَيۡكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} (14)

{ وأصحاب الأيكة } تقدم الكلام على الأيكة في سورة الشعراء ، وقرئ هنا ليكة ، وهي الغيضة أي الشجر الملتف بعضه على بعض ، ونبيهم الذي بعثه الله إليهم شعيب عليه السلام { وقوم تبع } هو تبع الحميري ، الذي تقدم ذكره في قوله : أهم خير أم قوم تبع ، واسمه سعد ، وقيل : أسعد ، وكنيته أبو كرب ، قال قتادة : ذم الله سبحانه قوم تبع ، ولم يذمه .

{ كل كذب الرسل } التنوين عوض عن المضاف إليه أي كل واحد من هؤلاء المذكورين كذب رسله الذي أرسله الله إليه . وكذلك ما جاء به من الشرع . وكان بعض النحاة يجيز حذف تنوينها ، وبناءها على الضم كالغايات ، كقبل وبعد ، فاللام في الرسل يكون للعهد كما سبق أو للجنس ، أي كل طائفة من هذه الطوائف كذبت جميع الرسل ، لأن من كذب رسولا فكأنه كذب جميعهم ، وإفراد الضمير في كذب باعتبار لفظ كل ، وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قيل له : لا تحزن ولا تكثر غمك لتكذيب هؤلاء لك ، فهذا شأن من تقدمك من الأنبياء ، فإن قومهم كذبوهم ولم يصدقهم إلا القليل منهم ، والمراد بالكلية هنا التكثير ، كما في قوله تعالى . { وأوتيت من كل شيء } فهي باعتبار الأغلب .

{ فحق وعيد } حذفت الياء وبقيت الكسرة دليلا عليها أي : وجب عليهم وعيدي ، وحقت عليهم كلمة العذاب ، وحل بهم ما قدره الله عليهم من الخسف والمسخ ، والإهلاك بالأنواع التي أنزلها الله بهم من عذابه .