قوله تعالى : { ولما جهزهم بجهازهم } ، أي : حمل لكل واحد بعيرا بعدتهم ، { قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم } ، يعني بنيامين ، { ألا ترون أني أوفي الكيل } أي : أتمه ولا أبخس الناس شيئا ، فأزيدكم حمل بعير لأجل أخيكم ، وأكرم منزلتكم وأحسن إليكم ، { وأنا خير المنزلين } ، قال مجاهد : أي خير المضيفين . وكان قد أحسن ضيافتهم .
{ ولما جهّزهم بجهازهم } أصلحهم بعدتهم وأوقر ركائبهم بما جاؤوا لأجله ، والجهاز ما يعد من الأمتعة للنقلة كعدد السفر وما يحمل من بلدة إلى أخرى وما تزف به المرأة إلى زوجها وقرئ " بجهازهم " بالكسر . { قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم } روي : أنهم لما دخلوا عليه قال : من أنتم وما أمركم لعلكم عيون ؟ قالوا : معاذ الله إنما نحن بنو أب واحد وهو شيخ كبير صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب ، قال كم أنتم ؟ قالوا كنا اثني عشر فذهب أحدنا إلى البرية فهلك ، قال : فكم أنتم ها هنا قالوا عشرة ، قال : فأين الحادي عشر ؟ قالوا : عند أبينا يتسلى به عن الهالك ، قال : فمن يشهد لكم . قالوا : لا يعرفنا أحد ها هنا فيشهد لنا قال : فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم حتى أصدقكم ، فاقترعوا فأصابت شمعون . وقيل كان يوسف يعطي لكل نفر حملا فسألوه حملا زائدا لأخ لهم من أبيهم فأعطاهم وشرط عليهم أن يأتوه به ليعلم صدقهم . { ألا ترون أني أوفي الكيل } أتمه . { وأنا خير المنزلين } للضيف والمضيفين لهم وكان أحسن إنزالهم وضيافتهم .
قوله : { ايئتوني بأخ لكم } يقتضي وقوع حديث منهم عن أن لهم أخا من أبيهم لم يحضر معهم وإلا لكان إنبَاء يوسف عليه السلام لهم بهذا يشعرهم أنه يكلمهم عارفاً بهم وهو لا يريد أن يكشف ذلك لهم . وفي التوراة{[252]} أن يوسف عليه السلام احتال لذلك بأن أوهمهم أنه اتهمهم أن يكونوا جواسيس للعدو وأنهم تبرأوا من ذلك فعرفوه بمكانهم من قومهم وبأبيهم وعدد عائلتهم ، فما ذكروا ذلك له أظهر أنه يأخذ أحدهم رهينة عنده إلى أن يرجعوا ويأتوا بأخيهم الأصغر ليصدّقوا قولهم فيما أخبروه ، ولذلك قال : { فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي } .
و { من أبيكم } حال من ( أخ لكم ) أي أُخُوّته من جهة أبيكم ، وهذا من مفهوم الاقتصار الدال على عدم إرادة غيره ، أي من أبيكم وليس من أمكم ، أي ليس بشقيق .
والعدول عن أن يقال : ايئتوني بأخيكم من أبيكم ، لأن المراد حكاية ما اشتمل عليه كلام يوسف عليه السلام من إظهار عدم معرفته بأخيهم إلا من ذِكرهم إياه عنده ، فعدل عن الإضافة المقتضية المعرفة إلى التنكير تنابهاً في التظاهر بجهله به .
{ ولا تقربون } أي لا تعودوا إلى مصر ، وقد علم أنهم لا يتركون أخاهم رهينة .
وقوله : { ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين } ترغيب لهم في العود إليه ؛ وقد عَلم أنهم مضطرون إلى العود إليه لعدم كفاية الميرة التي امتاروها لعائلة ذات عدد من النّاس مثلهم ، كما دل عليه قولهم بعد { ذلك كيل يسير } [ سورة يوسف : 65 ] .
ودل قوله : { خير المنزلين } على أنه كان ينزل الممتارين في ضيافته لكثرة الوافدين على مصر للميرة . والمُنْزل : المُضيف . وهذه الجملة كناية عن الوعد بأن يوفي لهم الكيل ويكرم ضيافتهم إن أتوا بأخيهم . والكيل في الموضعين مرادٌ منه المصدر . فمعنى { فلا كيل لكم عندي } أي لا يكال لكم ، كناية عن منعهم من ابتياع الطعام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.