تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡۚ أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ} (59)

وقوله تعالى : { وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي أعطى لهم الطعام الذي طلبوا منه .

قال أبو عوسجة : الجهاز المتاع ، والجهاز أيضا متاع المرأة التي تجهز به ، ولا يقال : جهاز بخفض الجيم .

وقال أهل التأويل : إن يوسف عليه السلام قال لهم حين دخلوا عليه : أنتم عيون ، بعثكم ملككم تنظرون إلى أهل مصر ، ثم تأتونه بالخبر ، وتأتون بكذا ، ذلك مما لا نعلمه أنه قد كان ؛ أقال[ الهمزة ساقطة من الأصل وم ] لهم ذلك أم لا ؟ وغير ذلك من الكلمات التي قالوا : إنه قال لهم كذا ، وقالوا هم له : [ كنا كذا ][ في الأصل وم : كذا وكذا ] رجلا ، فهلك منا كذا ، ولنا أب كذا . مثل هذا لا يكون [ إلا ][ ساقطة من الأصل وم ] كلام بعض العوام الغوغاء ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ } مثل هذا لا يحتمل أن يقوله يوسف ابتداء على غير سبب أو كلام ، كان هنالك ، لكنه لم يذكر الذين كان ، ونحن لا نعرف ما الذي كان هنالك في ما بينهم ، وكذلك قوله : { فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون }[ الآية : 60 ] .

أما أهل التأويل فإنهم قالوا : قال لهم : { ائتوني بأخ لكم من أبيكم } إلى آخر ما ذكر ؛ لأنه لما قال : إنكم جئتم عيونا لملككم ، فأمر بحبسهم ، فقالوا نحن بنو يعقوب النبي ، وكنا اثني عشر رجلا ، فهلك منا رجل في الغنم ، ووجدنا على قميصه دما ، فأتينا أبانا ، فقلنا كذا ، وقد خلفنا عند أبينا أخا له من أمه الذي هلك . فعند ذلك قال لهم : { ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين } .

لكن هذا الذي ذكروا[ في م : ذكر ] لا يكون سببا لقوله ، ولا جوابا . وقد ذكرنا/254-ب/ أنه لا يصح هذا الكلام مبتدأ . لكنا نعلم بالتعقل أنه كان هنالك سبب ومعنى ، أمر يوسف أن يقول لهم ذلك . وإلا لا يحتمل أن [ قال ][ ساقطة من الأصل وم ] لهم يوسف : { فلا كيل لكم عندي ولا تقربون }[ الآية : 60 ] وهو كان يعلم أن أباه يعقوب يحتاج إلى طعام ، ويعرف حاجتهم في ذلك . هذا لا يسع إلا بسبب ، كان ثم ، فأمر يوسف بذلك .