بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡۚ أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ} (59)

روى أسباط عن السدي وغيره ، قال : استعمله الملك على مصر ، وكان صاحب أمره الذي يلي البيع والتجارة . فبعث يعقوب بنيه إلى مصر فلما دخلوا على يوسف ، عرفهم . فلما نظر إليهم ، قال : أخبروني ما أمركم ؟ فإني أنكر شأنكم . قالوا : نحن قوم من أرض الشام . قال : فما جاءكم ؟ قالوا : جئنا نمتار طعاماً . قال : كأنكم عيون . كم أنتم ؟ قالوا : عشرة . قال : أنتم عشرة آلاف . كل رجل منكم أمير ألف . فأخبروني خبركم . قالوا : إنا إخوة بنو رجل ، صديق ، وإنا كنا اثني عشر ، فكان أبونا يحب أخاً لنا ، وهو هلك في الغنم ، ووجدنا قميصه ملطخاً بالدم ، فأتينا به أبانا ، فكان أحبنا إلى أبينا منا . قال : فإلى من سكن منكم أبوكم بعده ؟ قالوا : إلى أخ له أصغر منه . قال : فكيف تخبروني أنه صديق ، وهو يختار الصغير منكم دون الكبير ؟ وكيف تخبروني أنه هلك ، وبقي قميصه ؟ فلو : كان اللصوص قتلوه ، لأخذوا قميصه ، ولو كان الذئب أكله ، لمزق قميصه . فأرى كلامكم متناقضاً . احبسوهم . ثم قال : إن كنتم صادقين في مقالتكم ، فخلفوا عندي بعضكم ، واتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِى بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِى وَلاَ تَقْرَبُونِ } قالوا : اختر أينا شئت ، فارتهن شمعون ، ثم أمر بوفاء كيلهم ، فذلك قوله تعالى : { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ } يعني : كال لهم كيلهم ، وأعطى كل واحد منهم حمل بعير ، ثم { قَالَ ائتونى بِأَخٍ لَّكُمْ مّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنّى أُوفِى الكيل وَأَنَاْ خَيْرُ المنزلين } يعني : أفضل من يضيف ، ويكرم الذي نزل به