{ ألا تعلو علي } أن مفسرة أو مصدرية فتكون بصلتها خبر محذوف أي هو أو المقصود أن لا تعلو أو بدل من { كتاب } . { وائتوني مسلمين } مؤمنين أو منقادين ، وهذا كلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود ، لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع تعالى وصفاته صريحا أو التزاما ، والنهي عن الترفع الذي هو أم الرذائل والأمر بالإسلام الجامع لأمهات الفضائل ، وليس الأمر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فإن إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الدلالة .
ثم أمرهم بأن لا يعلوا عليه طغياناً وكفراً وأن يأتوه { مسلمين } ، ويحتمل أنها قصدت إلى اقتضاب معانيه دون ترتيبه فأعلمتهم { أنه من سليمان } وأن معنى ما فيه كذا وكذا ، وقرأ أبيّ «وأن بسم الله » بفتح الهمز وتخفيف النون وحذف الهاء ، وقرأ ابن أبي عبلة «أنه » من «وأنه » بفتح الهمزة فيهما ، وفي قراءة عبد الله «وأنه من سليمان » بزيادة ، و { بسم الله الرحمن الرحيم } ، استفتاح شريف بارع المعنى معبر عنه بكل وفي كل شرع ، و { أن } في قوله تعالى : { أن لا تعلوا علي } يحتمل أن تكون رفعاً على البدل من { كتاب } ، أو نصباً على معنى «بأن لا تعلوا » ، أو مفسرة بمنزلة أي قاله سيبويه ، وقرأ وهب بن منبه «أن لا تغلوا »{[9018]} بالغين منقوطة ، قال أبو الفتح رواها وهب عن ابن عباس وهي قراءة الأشهب العقيلي ذكرها الثعلبي .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله "أَلاّ تَعْلُوا عَليّ وأْتُونِي مُسْلِمِينَ "يقول: ألقي إليّ كتاب كريم ألا تعلوا عليّ...
وعنى بقوله: "أَلاّ تَعْلُوا عَلَيّ": أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه... وقوله: "وأْتُونِي مُسْلِمِينَ" يقول: وأقبلوا إليّ مذعنين لله بالوحدانية والطاعة.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{وأتوني مسلمين} مخلصين لله بالتوحيد، أي اجعلوا أنفسكم سالمة لله خالصة له، لا تجعلوا لأحد سواه فيها شركا ولا حقا، لأنه أخبر أنهم كانوا يسجدون للشمس من دون الله، فتخبر في الكتاب حين افتتح ب {بسم الله الرحمن الرحيم} أن الذي يستحق السجود والعبادة، هو الله الرحمن الرحيم، لا ما تعبدون أنتم.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
و "أتوني مسلمين "فيه أربعة تأويلات: أحدها: مستسلمين، قاله الكلبي. الثاني: موحدين، قاله ابن عباس. الثالث: مخلصين، قاله زهير. الرابع: طائعين، قاله سفيان.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
لا تعلوا: لا تتكبروا كما يفعل الملوك... {مُسْلِمِينَ} منقادين أو مؤمنين.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما في كتابه من الدلالة على نبوته، فسر مراده بأمر قاهر فقال: {ألا تعلوا عليّ} أي لا تمتنعوا من الإجابة لي، والإذعان لأمري، كما يفعل الملوك، بل اتركوا علوهم، لكوني داعياً إلى الله الذي أعلمت في باء البسملة بأنه لا تكون حركة ولا سكون إلا به، فيجب الخضوع له لكونه رب كل شيء {وأتوني مسلمين} أي منقادين خاضعين بما رأيتم من معجزتي في أمر الكتاب.
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 30]
{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمان الرحيم* ألا تعلوا وائتوني مسلمين} ونص هذا الكتاب على وجازته يدل على أمور: 1-إنه مشتمل على إثبات الإله ووحدانيته وقدرته وكونه رحمانا رحيما. 2-نهيهم عن إتباع أهوائهم، ووجوب اتباعهم للحق. 3-أمرهم بالمجيء إليه منقادين خاضعين. وبهذا يكون الكتاب قد جمع كل ما لا بد منه في الدين والدنيا.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.