قال ابن عباس : لما نزلت : { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } ( الشورى-22 ) ، وقع في قلوب قوم منها شيء ، وقالوا : يريد أن يحثنا على أقاربه من بعده ، فنزل جبريل فأخبره أنهم اتهموه وأنزل هذه الآية ، فقال القوم الذين اتهموه : يا رسول الله فإنا نشهد أنك صادق ، فنزل{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } قال ابن عباس : يريد أولياؤه وأهل طاعته ، قيل التوبة ترك المعاصي نية وفعلاً ، والإقبال على الطاعة نيةً وفعلاً ، قال سهل بن عبد الله : التوبة الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأفعال المحمودة . { ويعفو عن السيئات } إذا تابوا فلا يؤاخذهم بها . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أنبأنا حميد بن زنجويه ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة ، عن سليمان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد قال : دخلت على عبد الله أعوده ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لله أفرح بتوبة عبده من رجل ، أظنه قال في برية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فنزل فنام فاستيقظ وقد ضلت راحلته ، فطاف عليها حتى أدركه العطش ، فقال : أرجع إلى حيث كانت راحلتي فأموت عليه ، فرجع فأغفى فاستيقظ فإذ هو بها عنده عليها طعامه وشرابه "
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد ابن الصباح ، وزهير بن حرب قالا : حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة ، حدثني أنس بن مالك وهو عمه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها ، وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح " { ويعفو عن السيئات } فيمحوها إذا تابوا . { ويعلم ما تفعلون } قرأ حمزة والكسائي وحفص { تفعلون } بالتاء ، وقالوا : هو خطاب للمشركين ، وقرأ الآخرون بالياء لأنه بين خبرين عن قوم ، فقال : قبله يقبل التوبة عن عباده ، وبعده ويزيدهم من فضله .
{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } بالتجاوز عما تابوا عنه ، والقبول يعدى إلى مفعول ثان بمن وعن لتضمنه معنى الأخذ والإبانة ، وقد عرفت حقيقة التوبة . وعن علي رضي الله تعالى عنه : هي اسم يقع على ستة معان : على الماضي من الذنوب الندامة ، ولتضييع الفرائض الإعادة ، ورد المظالم وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية وإذاقتها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية ، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته . { ويعفوا عن السيئات } صغيرها وكبيرها لمن يشاء . { ويعلم ما يفعلون } فيجازي ويتجاوز عن إتقان وحكمة ، وقرأ الكوفيون غير أبي بكر " ما تفعلون " بالتاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.