مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَعۡفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ وَيَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ} (25)

{ وَهُوَ الذى يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ } يقال : قبلت منه الشيء إذا أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي . ويقال : قبلته عنه أي عزلته عنه وأبنته عنه . والتوبة أن يرجع عن القبيح والإخلال بالواجب بالندم عليهما والعزم على أن لا يعود ، وإن كان لعبد فيه حق لم يكن بد من التفصي على طريقه . وقال علي رضي الله عنه : هو اسم يقع على ستة معانٍ : على الماضي من الذنوب الندامة ، ولتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم ، وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية ، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقناها حلاوة المعصية ، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته . وعن السدي : هو صدق العزيمة على ترك الذنوب والإنابة بالقلب إلى علام الغيوب . وعن غيره : هو أن لا يجد حلاوة الذنب في القلب عند ذكره . وعن سهل : هو الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة . وعن الجنيد : هو الإعراض عما دون الله { وَيَعْفُواْ عَنِ السيئات } وهو ما دون الشرك ، يعفو لمن يشاء بلا توبة { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } بالتاء : كوفي غير أبي بكر أي من التوبة والمعصية ولا وقف عليه للعطف عليه واتصال المعنى :{ وَيَسْتَجِيبُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَيَزِيدُهُم مِن فَضْلِهِ }