{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } وأختلفت عبارات العلماء في حقيقة التوبة وشرائطها .
أخبرنا الإمام أبو القاسم الحسن بن محمّد بن حبيب بقراءته عليّ . في شهور سنة ثمان وثمانين وثلثمائة ، حدثنا محمّد بن سليمان بن منصور ، حدثنا محمّد مسكان بن جبلة بسّاوة . أخبرنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي داود عن إبراهيم بن طهمّان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، قال : دخل إعرابي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اللَّهمّ إنّي استغفرك وأتوب إليك ، سريعاً وكبّر ، فلما فرغ من صلاته قال له علي : يا هذا إنّ سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذّابين ، وتوبتك تحتاج إلى توبة ، قال : يا أمير المؤمنين وما التوبة ؟ قال : اسم يقع على ستة معاني : على الماضي من الذنوب الندامة ، ولتضييع الفرائض الإعادة ، وردّ المظالم ، وإذابة النفس في الطاعة كما أذبتها في المعصية ، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية ، والبكاء بدل كُلّ ضحك ضحكته .
وسمعت الحسن بن محمّد بن الحسن ، يقول : سمعت إبراهيم بن يزيد ، يقول : سمعت حسن بن محمّد الترمذي يقول : قيل لأبي بكر محمّد بن مر الوراق : متى يكون الرجل تائباً ؟ فقال : إذا رجع إلى الله فراقبه واستحياهُ وخاف نقمته فيما عصاه ، وألتجاء إلى رحمته فرجاه ، وذكر حلمه في ستره فأبكاه ، وندم على مكروه أتاه ، وشكر ربّه على ما أتاه ، وفهم عن الله وعظه فوعاه ، وحفظ عهده فيما أوصاه .
وسمعت الحسن بن محمّد بن حبيب ، يقول : سمعت أبا منصور محمّد بن محمّد بن سمعان المذكر ، يقول : سمعت أبا بكر بن الشاه الصوفي الفارسي ، يقول : سئل الحرب بن أسد المحاسبي : من التائب ؟ فقال : من رأى نفسه من الذنوب معصوماً ، وللخيرات موفقاً ، ورأى الفرح من قلبه غائباً والحزن فيه باقياً ، وأحبّه أهل الخير ، وهابه أهل الشّر ، ورأى القليل من الدّنيا كثيراً ، ورأى الكثير من عمل الآخرة قليلاً ، ورأى قلبه فارغاً من كلّ ما ضمن له ، مشتغلاً بكلّ ما أمر به .
وقال السري بن المغلس السقطي : التوبة صدق العزيمة على ترك الذنوب ، والإنابة بالقلب إلى علام الغيوب ، والندامة على ما فرط من العيوب ، والاستقصاء في المحاسبة مع النفس بالاستكانة والخضوع .
وقال عمرو بن عثمان : ملاك التوبة إصلاح القوت .
وسمعت أبا القاسم بن أبي بكر بن عبد الله البابي ، يقول : سمعت أبا يعلي حمزة بن وهب الطبري ، يقول : سمعت الحسن بن علوية الدامغاني ، يقول : سمعت يحيى بن معاذ ، وسئل : من التائب ؟ فقال : من كسر شبابه على رأسه وكسر الدّنيا على رأس الشيطان ، ولزم الفطام حتّى أتاه الحمام .
وقال سهل بن عبد الله : التوبة ، الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة ، وسئل ابن الحسن البوشيخي : عن التوبة ؟ فقال : إذا ذكرت الذنب فلا تجد حلاوته في قلبك .
وقال الراعي : التوبة ترك المعاصي نيةً وفعلاً ، والإقبال على الطاعة نيةً وفعلاً ، وسمعت أبا القاسم الحبيبي ، يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن عماد البغدادي ، يقول : سئل جنيد : من التائب ؟
وقال شاه الكرماني : إترك الدّنيا وقد تبت وخالف هواك وقد وصلت ، ويعفو عن السيئات إذا تابوا فيمحوها .
أخبرنا الحسن بن محمّد بن الحسن بن جعفر ، حدثنا أبي ، حدثنا جعفر بن سواد ، حدثنا عطيه بن لفته ، حدثنا أبي ، حدثنا الزبيري ، عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله تعالى أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد ، ومن العقيم الوالد ، ومن الظمآن الوارد . فمن تاب إلى الله تعالى توبة نصوحاً أنسى الله حافظيه وبقاع الأرض خطاياه وذنوبه "
{ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } . قرأ الأعمش وحمزة والكسائي وخلف بالتاء ، وهي قراءة عبد الله وأصحابه ، ورواية حفص عن عاصم غيرهم بالياء ، وهي اختيار أبي عبيد ، قال : لأنّه لمن خبرني عن قوم . قال قبله : عن عباده ، وقال بعده : ويزيدهم من فضله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.