معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91)

قوله تعالى : { لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر } ، أما العداوة في الخمر ، فإن الشاربين إذا سكروا عربدوا ، وتشاجروا ، كما فعل الأنصاري الذي شج سعد بن أبي وقاص بلحي الجمل . وأما العداوة في الميسر ، قال قتادة : كان الرجل يقامر على الأهل والمال ، ثم يبقى حزيناً مسلوب الأهل والمال ، مغتاظاً على حرفائه .

قوله تعالى : { ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة } ، وذلك أن من اشتغل بشرب الخمر و القمار ، ألهاه ذلك عن ذكر الله ، وشوش عليه صلاته ، كما فعل بأضياف عبد الرحمن بن عوف . وتقدم رجل ليصلي بهم صلاة المغرب بعدما شربوا فقرأ : ( قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ، بحذف لا .

قوله تعالى : { فهل أنتم منتهون } . أي : انتهوا ، لفظه استفهام ، ومعناه أمر ، كقوله تعالى : { فهل أنتم شاكرون } [ الأنبياء :80 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91)

ثم قرر ذلك بأن بيّن ما فيهما من المفاسد الدنيوية والدينية المقتضية للتحريم فقال تعالى :

{ إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة } وإنما خصهما بإعادة الذكر وشرح ما فيهما من الوبال تنبيها على أنهما المقصود بالبيان ، وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنهما مثلهما في الحرمة والشرارة لقوله عليه الصالة والسلام " شارب الخمر كعابد الوثن " . وخص الصلاة من الذكر بالإفراد للتعظيم ، والإشعار بأن الصاد عنها كالصاد عن الإيمان من حيث إنها عماده والفارق بينه وبين الكفر ، ثم أعاد الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام مرتبا على ما تقدم من أنواع الصوارف فقال : { فهل أنتم منتهون } إيذانا بأن الأمر في المنع والتحذير بلغ الغاية وأن الأعذار قد انقطعت .