الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91)

أعلم سبحانه عباده أنَّ الشيطان إنَّمَا يريد أنْ تقع العداوةُ بسَبَبِ الخَمْر ، وما يعتري عليها بَيْنَ المؤمنينِ ، وبسبب المَيْسر ، إذا كانوا يتقَامَرُونَ عَلَى الأموال ، حتى رُبَّما بَقِيَ المقمور فقيراً ، فَتَحْدُثُ من ذلك ضغائِنُ وعداواتٌ ، فإن لم يصلِ الأمر إلى حَدِّ العداوة ، كانَتْ بغضاء ، ولا تحسُنُ عاقبة قومٍ متباغضين ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَاناً ) ، وباجتماع النفوس والكلمة يحمي الدين ، ويجاهَدُ العدوُّ ، والبغضاءُ تنقضُ عُرَى الدِّين ، وتهدم عمادَ الحمايةِ ، وكذلك أيضاً يريدُ الشيطانُ أنْ يصدَّ المؤمنين عَنْ ذكْر اللَّه ، وعنِ الصلاة ، ويشغلهم عنها باتباع الشهواتِ ، والخمرُ والميسرُ ، والقمَارُ كلُّه مِنْ أعظم الآيات في ذلك ، وفي قوله سبحانه : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ }[ المائدة :91 ] وعيدٌ زائدٌ على معنى : «انتهوا » .