تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91)

( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة ) ، يعني أن يغرى بينكم العداوة ، ( والبغضاء ) الذي كان بين سعد وبين الأنصاري حتى كسر أنف سعد ، ( في الخمر والميسر ) ، ورث ذلك العداوة والبغضاء ، ويريد الشيطان أن ( يصدكم عن ذكر الله ) ، يقول : إذا سكرتم لم تذكروا الله عز وجل ، ( وعن الصلاة ) ، يقول : إذا سكرتم لم تصلوا ، ( فهل أنتم منتهون ) ، فهذا وعيد بعد النهي والتحريم ، قالوا : انتهينا يا ربنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا أيها الذين آمنوا ، إن الله حرم عليكم الخمر ، فمن كان عنده منها شيء ، فلا يشربها ، ولا يبيعها ، ولا يسقيها غيره" .

قال : وقال أنس بن مالك : لقد نزل تحريمُ الخمر وما بالمدينة يومئذ خمر ، إنما كانوا يشربون الفَصِيح ، وأما المَيْسر ، فهو القِمار ، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يقول : أين أصحاب الجزور ، فيقوم نفر ، فيشترون بينهم جزورا ، فيجعلون لكل رجل منهم سهم ، ثم يقرعون . فمن خرج سهمه برئ من الثمن ، وله نصيب في اللحم ، حتى يبقى آخرهم ، فيكون عليه الثمن كله ، وليس له نصيبٌ في اللحم ، وتُقسَم الجزورُ بين البَقيَّة بالسَّوية .

وأما الأزلام ، فهي القداح التي كانوا يقتسمون الأمور بها ، قَدَحَيْن مكتوبٌ على أحدهما : أمرني ربي ، وعلى الآخر : نهاني ربي ، فإذا أرادوا أمرا أتوا بيت الأصنام ، فغطوا عليه ثوبا ، ثم ضربوا بالقِداح ، فإن خرج أمرني ربي ، مضى على وجهه الذي يريد ، وإن خرج نهاني ربي ، لم يخرج في سفره ، وكذلك كانوا يفعلون إذا شكوا في نسبة رجل ، وأما الأنصاب ، فهي الحجارة التي كانوا ينصبونها حول الكعبة ، وكانوا يذبحون لها .