تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (91)

{ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر }

يعني : القمار كله { والأنصاب } وهي أصنامهم التي كانوا يعبدون من دون الله ، { والأزلام } القداح وهي السهام . قال قتادة : كان الرجل إذا أراد سفرا أخذ قدحين فقال : هذا يأمره بالخروج وهو مصيب في سفره خيرا ، ويأخذ قدحا آخر فيقول : هذا يأمره بالمكوث وليس بمصيب في سفره خيرا مكتوب عليهما هذا والمنيح بينهما فأيهما خرج عمل به فنهى عن ذلك .

قال محمد : المنيح : سهم ليس عليه كتاب ، فإذا خرج أعاد الضرب .

يقال : يسرت ، إذا ضربت بالقداح ، والضارب بها : ياسر ( والجميع : يسر وأيسار ) قوله { رجس من عمل الشيطان } إلى قوله { فهل أنتم منتهون } فجاء تحريم الخمر في هذه الآية قليلها وكثيرها ما أسكر منها وما لم يسكر .

قال محمد : الرجس في اللغة : اسم لكل ما استقذر{[307]} ، ويقال : رجس الرجل يرجس ؛ إذا عمل عملا قبيحا{[308]} .

يحيى : عن محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن المنكدر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من شرب الخمر ، ثم لم يسكر أعرض الله عنه أربعين ليلة ، ومن شرب الخمر ثم سكر لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا أربعين ليلة ، فإن مات فيها مات كعابد الأوثان ؛ وكان حقا على الله أن يسقيه يوم القيامة من طينة الخبال " قيل : يا رسول الله ، وما طينة الخبال ؟ قال : " عصارة أهل النار في النار : القيح والدم ) ){[309]} .


[307]:انظر/ القاموس المحيط للفيروز آبادي (2/217) (مادة/رجس).
[308]:انظر لسان العرب (3/1590) (مادة/رجس).
[309]:بنحوه أخرجه مسلم (3/1587) ح (2002) والإمام أحمد في مسنده (2/176، 189) والنسائي (8/720) ح (5686) وابن ماجه ب (2/1120 – 1121) ح (3377).