معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ} (11)

{ فلا اقتحم العقبة } يقول : فهلا أنفق ماله فيما يجوز به العقبة من فك الرقاب وإطعام السغبان ، فيكون خيراً له من إنفاقه على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم ، هذا قول ابن زيد وجماعة . وقيل : { فلا اقتحم العقبة } أي لم يقتحمها ولا جاوزها . والاقتحام : الدخول في الأمر الشديد ، وذكر العقبة ها هنا مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر ، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة ، يقول : لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة والإطعام ، وهذا معنى قول قتادة . وقيل : إنه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة وأطعم كان كمن اقتحم العقبة وجاوزها . وروي عن ابن عمر : أن هذه العقبة جبل من جهنم . وقال الحسن وقتادة : عقبة شديدة في النار دون الجسر ، فاقتحموها لله تعالى . وقال مجاهد ، والضحاك ، والكلبي : هي صراط يضرب على جهنم كحد السيف ، مسيرة ثلاث آلاف سنة سهلاً وصعوداً وهبوطاً ، وإن بجنبيه كلاليب وخطاطيف كأنها شوك السعدان ، فناج مسلم مخدوش ، ومكردس في النار منكوس ، فمن الناس من يمر كالبرق الخاطف ، ومنهم من يمر كالريح العاصف ، ومنهم من يمر كالفارس ، ومنهم من يمر عليه كالرجل يعدو ، ومنهم من يمر كالرجل يسير ، ومنهم من يزحف زحفاً ، ومنهم الزالون ، ومنهم من يكردس في النار . قال ابن زيد : يقول فهلا سلك الطريق التي فيها النجاة .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ} (11)

{ فلا اقتحم العقبة } الاقتحام الدخول بشدة ومشقة والعقبة عبارة عن الأعمال الصالحة المذكورة بعد . وجعلها عقبة استعارة من عقبة الجبل لأنها تصعب ويشق صعودها على النفوس ، وقيل : هو جبل في جهنم له عقبة لا يجاوزها إلا من عمل هذه الأعمال و " لا " هنا تخصيص بمعنى " هلا " وقيل : هي دعاء وقيل : هي نافية واعترض هذا القول بأن " لا " النافية إذا دخلت على الفعل الماضي لزم تكرارها وأجاب الزمخشري بأنها مكررة في المعنى ، والتقدير : فلا اقتحم العقبة ، ولا فك رقبة ولا أطعم مسكينا ، وقال الزجاج قوله : { ثم كان من الذين آمنوا } يدل على التكرار لأن التقدير فلا اقتحم العقبة ولا آمن .