معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (2)

{ بسم الله الرحمن الرحيم }{ يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم هو الذي بعث في الأميين } يعني العرب كانت أمة أمية لا تكتب ولا تقرأ { رسولاً منهم } يعني محمدا صلى الله عليه وسلم نسبه نسبهم . { يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } أي ما كانوا قبل بعثة الرسول إلا في ضلال مبين يعبدون الأوثان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (2)

وقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ } الأميون هم : العرب كما قال تعالى : { وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } [ آل عمران : 314 ] وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ، ولكن المنة عليهم أبلغ وآكد ، كما في قوله : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به . وكذا قوله : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } [ الأعراف : 158 ] وقوله : { لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [ الأنعام : 19 ] وقوله إخبارا عن القرآن : { وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } [ هود : 17 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق{[28804]} أحمرهم وأسودهم ، وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام ، بالآيات والأحاديث الصحيحة ، ولله الحمد والمنة .

وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم ، حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة . فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة ، على حين فترة من الرسل ، وطُمُوس من السبل ، وقد اشتدت الحاجة إليه ، وقد مقت الله أهلَ الأرض عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب - أي : نزرا يسيرا - ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام ؛ ولهذا قال تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } وذلك أن العرب كانوا [ قديما ] {[28805]} متمسكين بدين إبراهيم [ الخليل ] {[28806]} عليه السلام فبدلوه وغيروه ، وقلبوه وخالفوه ، واستبدلوا بالتوحيد شركا{[28807]} وباليقين شكا ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله{[28808]} وكذلك أهل الكتابين قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها ، فبعث الله محمدًا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق ، فيه هدايتهم ، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم ، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ، ورضا الله عنهم ، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله . حاكم ، فاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب في الأصول والفروع . وجمَعَ له تعالى ، وله الحمد والمنة ، جميع المحاسن ممن كان قبله ، وأعطاه ما لم يُعطِ أحدًا من الأولين ، ولا يعطيه أحدًا من الآخرين ، فصلوات الله وسلامه عليه [ دائمًا ] {[28809]} إلى يوم الدين .


[28804]:- (2) في أ: "الثقلين".
[28805]:- (1) زيادة من م، أ.
[28806]:- (2) زيادة من م.
[28807]:-(3) في أ: "شركا فيه".
[28808]:- (4) في م: "لم يأذن الله بها".
[28809]:- (5) زيادة من م، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (2)

هو الذي بعث في الأميين أي في العرب لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرؤون رسولا منهم من جملتهم أميا مثلهم يتلو عليهم آياته من كونه أميا مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم ويزكيهم من خبائث العقائد والأعمال ويعلمهم الكتاب والحكمة القرآن والشريعة أو معالم الدين من المنقول والمعقول ولو لم يكن له سواه معجزة لكفاه وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين من الشرك وخبث الجاهلية وهو بيان لشدة احتياجهم إلى نبي يرشدهم وإزاحة لما يتوهم أن الرسول تعلم ذلك من معلم و إن هي المخففة واللام تدل عليها .