فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (2)

{ هُوَ الذي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً مّنْهُمْ } المراد بالأميين : العرب ، من كان يحسن الكتابة منهم ومن لا يحسنها ، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب ، والأميّ في الأصل : الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب ، وكان غالب العرب كذلك ، وقد مضي بيان معنى الأميّ في سورة البقرة ، ومعنى { مِنْهُمْ } من أنفسهم ومن جنسهم ومن جملتهم وما كان حيّ من أحياء العرب إلاّ ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة ، ووجه الامتنان بكونه منهم أن ذلك أقرب إلى الموافقة لأن الجنس أميل إلى جنسه وأقرب إليه { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءاياته } يعني القرآن مع كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولا تعلم ذلك من أحد ، والجملة صفة ل { رسولاً } ، وكذا قوله : { وَيُزَكّيهِمْ } قال ابن جريج ومقاتل : أي يطهرهم من دنس الكفر والذنوب ، وقال السديّ : يأخذ زكاة أموالهم ، وقيل : يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان { وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة } هذه صفة ثالثة ل { رسولاً } ، والمراد بالكتاب : القرآن ، وبالحكمة : السنة ، كذا قال الحسن . وقيل : الكتاب الخط بالقلم ، والحكمة : الفقه في الدين ، كذا قال مالك بن أنس { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضلال مُّبِينٍ } أي وإن كانوا من قبل بعثته فيهم في شرك وذهاب عن الحق .

/خ8