معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

قوله تعالى : { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب } ولم يروها { إنه كان وعده مأتياً } يعني : آتياً ، مفعول بمعنى فاعل . وقيل : لم يقل آتياً لأن كل ما أتاك فقد أتيته ، والعرب لا تفرق بين قول القائل : أتت عليّ خمسون سنة وبين قوله : أتيت على خمسين سنة ، ويقول : وصل إليّ الخير ووصلت إلى الخير . وقال ابن جرير : وعده أي : موعوده وهو الجنة ، مأتيا يأتيه أولياؤه أهل الجنة ، وأهل طاعته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

يقول تعالى : الجنات التي يدخلها{[18969]} التائبون من ذنوبهم ، هي { جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي : إقامة { الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ } بظهر الغيب ، أي : هي من الغيب الذي يؤمنون به وما رأوه ؛ وذلك لشدة إيقانهم وقوة إيمانهم .

وقوله : { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا } تأكيد لحصول ذلك وثبوته واستقراره ؛ فإن الله لا يخلف الميعاد ولا يبدله ، كقوله : { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا } [ المزمل : 18 ]{[18970]} أي : كائنا لا محالة .

وقوله هاهنا : { مَأْتِيًّا } أي : العباد صائرون إليه ، وسيأتونه .

ومنهم من قال : { مَأْتِيًّا } بمعنى : آتيا ؛ لأن كل ما أتاك فقد أتيته ، كما تقول العرب : أتت عليّ خمسون سنة ، وأتيت على خمسين سنة ، كلاهما بمعنى [ واحد ]{[18971]}


[18969]:في ت: "يدخل إليها".
[18970]:في ت: "إنه كان" وهو خطأ، وفي أ: "كان وعده مفعولا" وهو الصواب.
[18971]:زيادة من ف، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

القول في تأويل قوله تعالى : { جَنّاتِ عَدْنٍ الّتِي وَعَدَ الرّحْمََنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } .

يقول تعالى ذكره : فأولئك يدخلون الجنة جَنّاتِ عَدْنٍ . ولوله : جَنّاتِ عَدْنٍ نصب ترجمة عن الجنة . ويعني بقوله : جَنّاتِ عَدْنٍ : بساتين إقامة . وقد بيّنت ذلك فيما مضى قبل بشواهده المغنية عن إعادته . وقوله : التي وَعَدَ الرّحْمَنُ عِبادَهُ بالغَيْبِ يقول : هذه الجنات التي وعد الرحمن عباده المؤمنين أن يدخلوها بالغيب ، لأنهم لم يروها ولم يعاينوها ، فهي غيب لهم . وقوله : إنّهُ كانَ وَعْدهُ مأتِيّا يقول تعالى ذكره : إن الله كان وعده ، ووعده في هذا الموضع موعوده ، وهو الجنة مأتيا يأتيه أولياؤه وأهل طاعته الذين يدخلهموها الله . وقال بعض نحويي الكوفة : خرج الخبر على أن الوعد هو المأتيّ ، ومعناه : أنه هو الذي يأتي ، ولم يقل : وكان وعده آتيا ، لأن كلّ ما أتاك فأنت تأتيه ، وقال : ألا ترى أنك تقول : أتيت على خمسين سنة ، وأتت علىّ خمسون سنة ، وكلّ ذلك صواب ، وقد بيّنت القول فيه ، والهاء في قوله إنّهُ من ذكر الرحمن .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

وقوله { جنات عدن } ، وقرأ جمهور الناس «جناتِ عدن » بنصب الجنات على البدل من قوله { يدخلون الجنة } ، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وأبو حيوة «جناتُ » برفعها على تقدير تلك الجنات ، وقرأ علي بن صالح «جنةَ » على الإفراد والنصب وكذلك في مصحف ابن مسعود وقرأها الأعمش ، و «العدن » الإقامة المستمرة ، قوله { بالغيب } أي أخبرهم من ذلك بما غاب عنهم ، وفي هذا مدح لهم عن سرعة إيمانهم وبدراهم إذ لم يعاينوا .

و «المأتي » مفعول على بابه ، والآتي هو الإنجاز والفعل الذي تضمنه الوعد ، وكان إيتانه إنما يقصد به «الوعد » الذي تقدمه . وقالت جماعة من المفسرين : هو مفعول في اللفظ بمعنى فاعل بمعنى آت وهذا بعيد ، والنظر الأول أصوب .