فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ عِبَادَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّهُۥ كَانَ وَعۡدُهُۥ مَأۡتِيّٗا} (61)

{ جنات عدن } قرئ بالرفع على الابتداء وقرئ بالنصب على البدل من الجنة بدل البعض ، لكون جنات عدن ، بعضا من الجنة ، وعلى المدح أيضا .

قال أبو حاتم : ولولا الخط لكان جنة عدن ، يعني بالإفراد مكان الجمع وليس هذا بشيء ، فإن الجنة اسم لمجموع الجنات التي هي بمنزلة الأنواع للجنس ، وقرئ بصرف عدن ؛ ومنعها عن الصرف ، على أنها علم بمعنى العدن ؛ وهو الإقامة أي بساتين إقامة وصفها بالدوام بخلاف جنات الدنيا فإنها لا تدوم ، أو علم لأرض الجنة لكونها مقام إقامة .

{ التي وعد } ها { الرحمان عباده } متلبسة أو متلبسين { بالغيب } والمعنى أنهم لا يرونها فهي غائبة عنهم ، أو هم غائبون عنها { إنه } أي الرحمن ، وقيل إنه ضمير الشأن والأمر لأنه مقام تعظيم وتفخيم { كان وعده } أي موعوده على العموم فيدخل فيه الجنات دخولا أوليا ، وقيل الوعد مصدر على بابه { مأتيا } أي هم يأتونها ، قال الفراء : لم يقل آتيا لأن كل ما آتاك فقد آتيته ، وكذا قال الزجاج ، وقال الزمخشري : كان وعده مفعولا لا منجزا .