ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب فقال :{ وما تفرق الذين أوتوا الكتاب } في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، { إلا من بعد ما جاءتهم البينة } أي البيان في كتبهم أنه نبي مرسل . قال المفسرون : لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله ، فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا ، فآمن به بعضهم ، وكفر آخرون . وقال بعض أئمة اللغة : معنى قوله { منفكين } أي : هالكين ، من قولهم : انفك صلاء المرأة عند الولادة ، وهو أن ينفصل فلا يلتئم فتهلك . ومعنى الآية : لم يكونوا هالكين معذبين إلا من بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسول وإنزال الكتاب ، والأول أصح .
وقوله : { وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } كقوله :{ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 105 ] يعني بذلك : أهل الكتب المنزلة على الأمم قبلنا ، بعد ما أقام الله عليهم الحجج والبينات تفرقوا واختلفوا في الذي أراده الله من كتبهم ، واختلفوا اختلافًا كثيرًا ، كما جاء في الحديث المروي من طرق : " إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى اختلفوا على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة " . قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " {[30366]} .
وقوله : { وَما تَفَرّقَ الّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيّنَةُ } يقول : وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فكذّبوا به ، إلا من بعد ما جاءتهم البينة ، يعني : من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البيّنةُ ، يعني : بيان أمر محمد ، أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه ، يقول : فلما بعثه الله تفرّقوا فيه ، فكذّب به بعضهم ، وآمن بعضهم ، وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ .
ثم ذكر تعالى مذمة من لم يؤمن من أهل الكتاب من بني إسرائيل من أنهم لم يتفرقوا في أمر محمد إلا من بعد ما رأوا الآيات الواضحة ، وكانوا من قبل مصفقين{[11929]} على نبوته وصفته ، فلما جاء من العرب حسدوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.